responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 42

فأي معنى لقوله صلّى اللّٰه عليه و سلم«كم من صائم ليس له من صومه إلاّ الجوع و العطش»؟و لهذا قال أبو الدرداء :يا حبذا نوم الأكياس و فطرهم،كيف لا يعيبون صوم الحمقى و سهرهم،و لذرة من ذوي يقين و تقوى أفضل و أرجح من أمثال الجبال عبادة من المغترين،و لذلك قال بعض العلماء:كم من صائم مفطر،و كم من مفطر صائم.و المفطر الصائم هو الذي يحفظ جوارحه عن الآثام و يأكل و يشرب،و الصائم المفطر هو الذي يجوع و يعطش و يطلق جوارحه.

و من فهم معنى الصوم و سره علم أن مثل من كف عن الأكل و الجماع و أفطر بمخالطة الآثام كمن مسح على عضو من أعضائه في الوضوء ثلاث مرات،فقد وافق في الظاهر العدد، إلا أنه ترك المهم و هو الغسل،فصلاته مردودة عليه بجهله.و مثل من أفطر بالأكل و صام بجوارحه عن المكاره كمن غسل أعضاءه مرة مرة،فصلاته متقبلة إن شاء اللّٰه لإحكامه الأصل،و إن ترك الفضل.و مثل من جمع بينهما كمن غسل كل عضو ثلاث مرات فجمع بين الأصل و الفضل و هو الكمال.و قد قال صلّى اللّٰه عليه و سلم[1]«إنّ الصّوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته »[2]و لما تلا قوله عز و جل: (إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا [1]) وضع يده على سمعه و بصره فقال:السمع أمانة،و البصر أمانة.و لو لا أنه من أمانات الصوم لما قال صلّى اللّٰه عليه و سلم«فليقل إنّى صائم»أي انى أودعت لساني لا حفظه فكيف أطلقه بجوابك فإذا قد ظهر أن لكل عبادة ظاهرا و باطنا و قشرا و لبا ،و لقشورها درجات،و لكل درجة طبقات،فإليك الخيرة الآن في أن تقنع بالقشر عن اللباب أو تتحيز إلى غمار أرباب الألباب


[1] النساء:58

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست