responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 76

فهذا أحد النظرين.النظر الثاني:نظر من لم يبلغ إلى مقام الفناء عن نفسه و هؤلاء قسمان:قسم لم يثبتوا إلا وجود أنفسهم،و أنكروا أن يكون لهم رب يعبد.و هؤلاء هم العميان المنكوسون و عماهم في كلتا العينين،لأنهم نفوا ما هو الثابت تحقيقا،و هو القيوم الذي هو قائم بنفسه و قائم على كل نفس بما كسبت،و كل قائم فقائم به.و لم يقتصروا على هذا حتى أثبتوا أنفسهم.و لو عرفوا لعلموا أنهم من حيث هم هم لا ثبات لهم،و لا وجود لهم.و إنما وجودهم من حيث أوجدوا لا من حيث وجدوا.و فرق بين الموجود و بين الموجد.و ليس في الوجود إلا موجود واحد،و موجد.فالموجود حق،و الموجد باطل من حيث هو هو.و الموجود قائم و قيوم،و الموجد هالك و فان.و إذا كان كُلُّ مَنْ عَلَيْهٰا فٰانٍ [1]فلا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال و الإكرام .الفريق الثاني:ليس بهم عمى،و لكن بهم عور.لأنهم يبصرون بإحدى العينين وجود الموجود الحق،فلا ينكرونه.و العين الأخرى إن تم عماها لم يبصر بها فناء غير الموجود الحق.فأثبت موجودا آخر مع اللّه تعالى.و هذا مشرك تحقيقا،كما أن الذي قبله جاحد تحقيقا.فإن جاوز حد العمى إلى العمش،أدرك تفاوتا بين الموجودين،فأثبت عبدا و ربا.فبهذا القدر من إثبات التفاوت و النقص من الموجود الآخر داخل في حد التوحيد .ثم إن كحل بصره بما يزيد في أنواره فيقل عمشه.و بقدر ما يزيد في بصره يظهر له نقصان ما أثبته سوى اللّه تعالى.فإن بقي في سلوكه كذلك فلا يزال يفضي به النقصان إلى المحو،فينمحى عن رؤية ما سوى اللّه،فلا يرى إلا اللّه.فيكون قد بلغ كماله التوحيد.و حيث أدرك نقصا في وجود ما سوى اللّه تعالى دخل في أوائل التوحيد.

و بينهما درجات لا تحصى.فبهذا تتفاوت درجات الموحدين.و كتب اللّه المنزلة على ألسنة رسله هي الكحل الذي به يحصل أنوار الأبصار.و الأنبياء هم الكحالون.و قد جاءوا داعين إلى التوحيد المحض،و ترجمته قول لا إله إلا اللّه.و معناه أن لا يرى إلا الواحد الحق .

و الواصلون إلى كمال التوحيد هم الأقلون.و الجاحدون و المشركون أيضا قليلون.و هم على الطرف الأقصى المقابل لطرف التوحيد.إذ عبدة الأوثان-قالوا مٰا نَعْبُدُهُمْ إِلاّٰ لِيُقَرِّبُونٰا إِلَى اللّٰهِ زُلْفىٰ [2]فكانوا داخلين في أوائل أبواب التوحيد دخولا ضعيفا.و المتوسطون


[1] الرحمن:36

[2] الزمر:3

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست