responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 75

اعتبر ذاته و لم يلتفت إلى غيره،لم يكن له وجود البتة.و إنما الموجود هو القائم بنفسه.

و القائم بنفسه هو الذي لو قدر عدم غيره بقي موجودا.فإن كان مع قيامه بنفسه يقوم بوجوده وجود غيره،فهو قيوم.و لا قيوم إلا واحد.و لا يتصور أن يكون غير ذلك فإذا ليس في الوجود غير الحي القيوم،و هو الواحد الصمد .فإذا نظرت من هذا المقام، عرفت أن الكل منه مصدره،و إليه مرجعه.فهو الشاكر،و هو المشكور.و هو المحب و هو المحبوب.و من هاهنا نظر حبيب بن أبي حبيب حيث قال إِنّٰا وَجَدْنٰاهُ صٰابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّٰابٌ [1]فقال.وا عجباه!أعطى و أثنى إشارة إلى أنه إذا أثنى على إعطائه فعلى نفسه أثنى.فهو المثنى و هو المثنى عليه.و من هاهنا نظر الشيخ أبو سعيد الميهنى حيث قرئ بين يديه يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ [2]فقال:لعمري يحبهم،و دعه يحبهم،فبحق يحبهم لأنه إنما يحب نفسه.أشار به إلى أنه المحب و أنه المحبوب.و هذه رتبة عالية لا تفهمها إلا بمثال على حد عقلك.فلا يخفى عليك أن المصنف إذا أحب تصنيفه،فقد أحب نفسه، و الصانع إذا أحب صنعته،فقد أحب نفسه.و الوالد إذا أحب ولده من حيث إنه ولده، فقد أحب نفسه.و كل ما في الوجود سوى اللّه تعالى فهو تصنيف اللّه و صنعته.فإن أحبه فما أحب إلا نفسه.و إذا لم يحب إلا نفسه فبحق أحب ما أحب:و هذا كله نظر بعين التوحيد .و تعبر الصوفية عن هذه الحالة بفناء النفس.أي فني عن نفسه و عن غير اللّه،فلم ير إلا اللّه تعالى.فمن لم يفهم هذا ينكر عليهم و يقول.كيف فنى و طول ظله أربعة أذرع! و لعله يأكل في كل يوم أرطالا من الخبز؟فيضحك عليهم الجهال،لجهلهم بمعاني كلامهم و ضرورة قول العارفين أن يكونوا ضحكة للجاهلين.و إليه الإشارة بقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كٰانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَ إِذٰا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغٰامَزُونَ وَ إِذَا انْقَلَبُوا إِلىٰ أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ وَ إِذٰا رَأَوْهُمْ قٰالُوا إِنَّ هٰؤُلاٰءِ لَضٰالُّونَ وَ مٰا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حٰافِظِينَ [3]ثم بين أن ضحك العارفين عليهم غدا أعظم،إذ قال تعالى فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفّٰارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرٰائِكِ يَنْظُرُونَ [4]و كذلك أمة نوح عليه السّلام،كانوا يضحكون عليه عند اشتغاله بعمل السفينة قٰالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنّٰا فَإِنّٰا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمٰا تَسْخَرُونَ [5]


[1] ص:44

[2] المائدة:54

[3] المطففين:29،35

[4] المطففين:29،35

[5] هود:38

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست