responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 77

هم الأكثرون،و فيهم من تنفتح بصيرته في بعض الأحوال،فتلوح له حقائق التوحيد،و لكن كالبرق الخاطف لا يثبت،و فيهم من يلوح له ذلك و يثبت زمانا ،و لكن لا يدوم و الدوام فيه عزيز
لكل إلى شأو العلا حركات و لكن عزيز في الرجال ثبات
و لما أمر اللّه تعالى نبيه صلّى اللّه عليه و سلم بطلب القرب،فقيل له وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ [1][1]قال في سجوده«أعوذ بعفوك من عقابك و أعوذ برضاك من سخطك و أعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك »فقوله صلّى اللّه عليه و سلم«أعوذ بعفوك من عقابك»كلام عن مشاهدة فعل اللّه فقط.فكأنه لم ير إلا اللّه و أفعاله،فاستعاذ بفعله من فعله.ثم اقترب ففني عن مشاهدة الأفعال،و ترقى إلى مصادر الأفعال و هي الصفات،فقال«أعوذ برضاك من سخطك»و هما صفتان ثم رأى ذلك نقصانا في التوحيد،فاقترب و رقى من مقام مشاهدة الصفات إلى مشاهدة الذات فقال«و أعوذ بك منك»و هذا فرار منه إليه من غير رؤية فعل و صفه،و لكنه رأى نفسه فارا منه إليه،و مستعيذا و مثنيا،ففني عن مشاهدة نفسه،إذ رأى ذلك نقصانا و اقترب فقال«لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك»فقوله صلّى اللّه عليه و سلم «لا أحصى»خبر عن فناء نفسه،و خروج عن مشاهدتها.و قوله«أنت كما أثنيت على نفسك»بيان أنه المثنى و المثنى عليه،و أن الكل منه بدأ و إليه يعود،و أن «كُلُّ شَيْءٍ هٰالِكٌ إِلاّٰ وَجْهَهُ » [2]فكان أول مقاماته نهاية مقامات الموحدين،و هو أن لا يرى إلا اللّه تعالى و أفعاله،فيستعيذ بفعل من فعل.فانظر إلى ما ذا انتهت نهايته إذا انتهى إلى الواحد الحق،حتى ارتفع من نظره و مشاهدته سوى الذات الحق و لقد كان صلّى اللّه عليه و سلم لا يرقى من رتبة إلى أخرى إلا و يرى الأولى بعدا بالإضافة إلى الثانية.فكان يستغفر اللّه من الأولى.و يرى ذلك نقصا في سلوكه و تقصيرا في مقامه


[1] العلق:19

[2] القصص:88

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست