responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 56

بالاصطلاح.و لو جعل وضع الجبهة على الأرض علامة استخفاف بالاصطلاح،لتصور ذلك.كما أن الانبطاح بين يدي المعظم المحترم يرى استخفافا بالعادة.

فلا ينبغي أن يدهشك صدف الجوهر عن الجوهر،و قالب الروح عن الروح،و قشر اللب عن اللب،فتكون ممن قيده عالم الشهادة بالكلية عن عالم الغيب.و تحقق أن الشيطان من المنظرين،فلا يتواضع لك بالكف عن الوسواس إلى يوم الدين،إلا أن تصبح و همومك هم واحد،فتشغل قلبك باللّه وحده،فلا يجد الملعون مجالا فيك.فعند ذلك تكون من عباد اللّه المخلصين ،الداخلين في الاستثناء عن سلطنة هذا اللعين.

و لا تظنن أنه يخلو عنه قلب فارغ.بل هو سيّال يجرى من ابن آدم مجرى الدم.و سيلانه مثل الهواء في القدح.فإنك إن أردت أن يخلو القدح عن الهواء من غير أن تشغله بالماء أو بغيره،فقد طمعت في غير مطمع.بل بقدر ما يخلو من الماء يدخل فيه الهواء لا محالة.

فكذلك القلب المشغول بفكر مهم في الدين،يخلو عن جولان الشيطان .و إلا فمن غفل عن اللّه تعالى و لو في لحظة،فليس له في تلك اللحظة قرين إلا الشيطان.و لذلك قال تعالى وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطٰاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [1]و قال صلّى اللّه عليه و سلم[1] «إنّ اللّه تعالى يبغض الشّابّ الفارغ»و هذا لأن الشاب إذا تعطل عن عمل يشغل باطنه بمباح يستعين به على دينه،كان ظاهره فارغا،و لم يبق قلبه فارغا.بل يعشش فيه الشيطان و يبيض و يفرخ.ثم تزدوج أفراخه أيضا،و تبيض مرة أخرى و تفرخ.و هكذا يتوالد نسل الشيطان توالدا أسرع من توالد سائر الحيوانات،لأن طبعه من النار.و إذا وجد الحلفاء اليابسة كثر توالده،فلا يزال تتوالد النار من النار،و لا تنقطع البتة.بل تسرى شيئا فشيئا على الاتصال.فالشهوة في نفس الشاب للشيطان كالحلفاء اليابسة للنار،و كما لا تبقى النار إذا لم يبق لها قوت و هو الحطب،فلا يبقى للشيطان مجال إذا لم تكن شهوة فإذا إذا تأملت،علمت أن أعدى عدوك شهوتك،و هي صفة نفسك.و لذلك قال الحسين بن منصور الحلاج،حين كان يصلب،و قد سئل عن التصوف ما هو فقال:هي نفسك


[1] الزخرف:36

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست