responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 55

بالتفكر في نعمة اللّه تعالى عليه بالثواب،نال درجة الصابرين.نعم من كمال الصبر كتمان المرض،و الفقر،و سائر المصائب.و قد قيل.من كنوز البر كتمان المصائب و الأوجاع و الصدقة فقد ظهر لك بهذه التقسيمات أن وجوب الصبر عام في جميع الأحوال و الأفعال .فإن الذي كفي الشهوات كلها،و اعتزل وحده،لا يستغنى عن الصبر على العزلة و الانفراد ظاهرا و عن الصبر عن وساوس الشيطان باطنا.فإن اختلاج الخواطر لا يسكن.و أكثر جولان الخواطر إنما يكون في فائت لا تدارك له،أو في مستقبل لا بد و أن يحصل منه ما هو مقدر فهو كيفما كان تضييع زمان.و آلة العبد قلبه،و بضاعته عمره .فإذا غفل القلب في نفس واحد عن ذكر يستفيد به أنسا باللّه تعالى،أو عن فكر يستفيد به معرفة باللّه تعالى،ليستفيد بالمعرفة محبة اللّه تعالى فهو مغبون.هذا إن كان فكره و وسواسه في المباحات مقصورا عليه.

و لا يكون ذلك غالبا.بل يتفكر في وجوه الحيل لقضاء الشهوات ،إذ لا يزال ينازع كل من تحرك على خلاف غرضه في جميع عمره،أو من يتوهم أنه ينازعه و يخالف أمره أو غرضه بظهور أمارة له منه.بل يقدر المخالفة من أخلص الناس في حبه،حتى في أهله و ولده،و يتوهم مخالفتهم له،ثم يتفكر في كيفية زجرهم و كيفية قهرهم،و جوابهم،عما يتعللون به في مخالفته.و لا يزال في شغل دائم،فللشيطان جندان.جند يطير و جند يسير،و الوسواس عبارة عن حركة جنده الطيار،و الشهوة عبارة عن حركة جنده السيار.و هذا لأن الشيطان خلق من النار،و خلق الإنسان من صلصال كالفخار.و الفخار قد اجتمع فيه مع النار الطين و الطين طبيعته السكون،و النار طبيعتها الحركة .فلا يتصور نار مشتعلة لا تتحرك.بل لا تزال تتحرك بطبعها.و قد كلف الملعون المخلوق من النار أن يطمئن عن حركته،ساجدا لما خلق اللّه من الطين،فأبى و استكبر و استعصى،و عبر عن سبب استعصائه بأن قال خَلَقْتَنِي مِنْ نٰارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [1].فإذا حيث لم يسجد الملعون لأبينا آدم صلوات اللّه عليه و سلامه،فلا ينبغي أن يطمع في سجوده لأولاده.و مهما كف عن القلب وسواسه و عدوانه،و طيرانه و جولانه،فقد أظهر انقياده و إذعانه و انقياده بالإذعان سجود منه.فهو روح السجود.و إنما وضع الجبهة على الأرض قالبه،و علامته الدالة عليه


[1] ص:76

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست