responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 43

و إن كان عن احتمال مكروه،اختلفت أساميه عند الناس باختلاف المكروه الذي غلب عليه الصبر .فإن كان في مصيبة اقتصر على اسم الصبر،و تضاده حالة تسمى الجزع و الهلع،و هو إطلاق داعي الهوى ليسترسل في رفع الصوت،و ضرب الخدود،و شق الجيوب و غيرها.و إن كان في احتمال الغنى سمى ضبط النفس،و تضاده حالة تسمى البطر.

و إن كان في حرب و مقاتلة سمى شجاعة،و يضاده الجبن.و إن كان في كظم الغيظ و الغضب سمى حلما،و يضاده التذمر.و إن كان في نائبة من نوائب الزمان مضجرة سمى سعة الصدر و يضاده الضجر و التبرم و ضيق الصدر.و إن كان في إخفاء كلام سمى كتمان السر،و سمى صاحبه كتوما.و إن كان عن فضول العيش سمى زهدا،و يضاده الحرص،و إن كان صبرا على قدر يسير من الحظوظ سمى قناعة،و يضاده الشره.فأكثر أخلاق الإيمان داخل في الصبر.و لذلك لما سئل عليه السّلام مرة عن الإيمان قال«هو الصّبر»لأنه أكثر أعماله و أعزها،كما قال[1]«الحجّ عرفة»و قد جمع اللّه تعالى أقسام ذلك و سمى الكل صبرا فقال تعالى وَ الصّٰابِرِينَ فِي الْبَأْسٰاءِ [1]أي المصيبة، وَ الضَّرّٰاءِ [2]أي الفقر، وَ حِينَ الْبَأْسِ [3]أي المحاربة أُولٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [4]فإذا هذه أقسام الصبر باختلاف متعلقاتها .و من يأخذ المعاني من الأسامي يظن أن هذه الأحوال مختلفة في ذواتها و حقائقها،من حيث رأى الأسامي مختلفة.و الذي يسلك الطريق المستقيم و ينظر بنور اللّه،يلحظ المعاني أولا،فيطلع على حقائقها،ثم يلاحظ الأسامي فإنها وضعت دالة على المعاني.فالمعاني هي الأصول،و الألفاظ هي التوابع.و من يطلب الأصول من التوابع لا بد و أن يزل.و إلى الفريقين الإشارة بقوله تعالى أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلىٰ وَجْهِهِ أَهْدىٰ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ [5]فإن الكفار لم يغلطوا فيما غلطوا فيه إلا بمثل هذه الانعكاسات،نسأل اللّه حسن التوفيق بكرمه و لطفه


[1] البقرة:177

[2] البقرة:177

[3] البقرة:177

[4] البقرة:177

[5] الملك:22

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست