responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 44

بيان
أقسام الصبر بحسب اختلاف القوة و الضعف

اعلم أن باعث الدين بالإضافة إلى باعث الهوى له ثلاثة أحوال:

أحدها:أن يقهر داعي الهوى فلا تبقى له قوة المنازعة.

و يتوصل إليه بدوام الصبر.

و عند هذا يقال.من صبر ظفر و الواصلون إلى هذه الرتبة هم الأقلون.فلا جرم هم الصديقون المقربون،الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا.فهؤلاء لازموا الطريق المستقيم،و استووا على الصراط القويم،و اطمأنت نفوسهم على مقتضى باعث الدين.و إياهم ينادى المنادى يٰأيّتهَا النفس المطمئنة،ارجعي إلى ربك راضية مرضية

الحالة الثانية:أن تغلب دواعي الهوى

،و تسقط بالكلية منازعة باعث الدين،فيسلم نفسه إلى جند الشياطين،و لا يجاهد ليأسه من المجاهدة.و هؤلاء هم الغافلون.و هم الأكثرون و هم الذين استرقتهم شهواتهم ،و غلبت عليهم شقوتهم،فحكموا أعداء اللّه في قلوبهم التي هي سر من أسرار اللّه تعالى،و أمر من أمور اللّه.و إليهم الإشارة بقوله تعالى وَ لَوْ شِئْنٰا لَآتَيْنٰا كُلَّ نَفْسٍ هُدٰاهٰا وَ لٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّٰاسِ أَجْمَعِينَ [1]و هؤلاء هم الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة،فخسرت صفقتهم و قيل لمن قصد إرشادهم فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلّٰى عَنْ ذِكْرِنٰا وَ لَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيٰاةَ الدُّنْيٰا ذٰلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ [2]و هذه الحالة علامتها اليأس و القنوط و الغرور بالأمانى،و هو غاية الحمق .كما قال صلّى اللّه عليه و سلم[1]«الكيّس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت و الأحمق من أتبع نفسه هواها و تمنّى على اللّه»و صاحب هذه الحالة إذا وعظ قال:أنا مشتاق إلى التوبة و لكنها قد تعذرت علىّ،فلست أطمع فيها.أو لم يكن مشتاقا إلى التوبة،و لكن قال:

إن اللّه غفور رحيم كريم،فلا حاجة به إلى توبتي و هذا المسكين قد صار عقله رقيقا لشهوته، فلا يستعمل عقله إلا في استنباط دقائق الحيل التي بها يتوصل إلى قضاء شهوته.فقد صار


[1] السجدة:13

[2] النجم:29

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 44
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست