responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 26

و لا يصبر إلا عن خوف،و لا يخاف إلا عن علم،و لا يعلم إلا عن بصيرة أو افتكار،أو عن سماع و تقليد.فأول الأمر حضور مجالس الذكر،ثم الاستماع من قلب مجرد عن سائر الشواغل،مصروف إلى السماع،ثم التفكر فيه لتمام الفهم و ينبعث من تمامه لا محالة خوفه و إذا قوي الخوف تيسر بمعونته الصبر،و انبعثت الدواعي لطلب العلاج،و توفيق اللّه و تيسيره من وراء ذلك.فمن أعطى من قلبه حسن الإصغاء،و استشعر الخوف فاتقى، و انتظر الثواب،و صدّق بالحسنى،فسييسره اللّه تعالى لليسرى.و أما من بخل و استغنى، و كذب بالحسنى،فسييسره اللّه للعسرى،فلا يغنى عنه ما اشتغل به من ملاذ الدنيا مهما هلك و تردى.و ما على الأنبياء إلا شرح طرق الهدى،و إنما للّٰه الآخرة و الأولى فإن قلت:فقد رجع الأمر كله إلى الإيمان،لأن ترك الذنب لا يمكن إلا بالصبر عنه و الصبر لا يمكن إلا بمعرفة الخوف،و الخوف لا يكون إلا بالعلم،و العلم لا يحصل إلا بالتصديق بعظم ضرر الذنوب و التصديق بعظم ضرر الذنوب هو تصديق اللّه و رسوله و هو الإيمان،فكأن من أصر على الذنب لم يصر عليه إلا لأنه غير مؤمن،فاعلم أن هذا لا يكون لفقد الإيمان ،بل يكون لضعف الإيمان.إذ كل مؤمن مصدق بأن المعصية سبب البعد من اللّه تعالى،و سبب العقاب في الآخرة.

و لكن سبب وقوعه في الذنب أمور.

أحدها.أن العقاب الموعود غيب ليس بحاضر،

و النفس جبلت متأثرة بالحاضر،فتأثرها بالموعود ضعيف بالإضافة إلى تأثرها بالحاضر

الثاني:أن الشهوات الباعثة على الذنوب لذاتها ناجزة

،و هي في الحال آخذة بالمخنق.

و قد قوى ذلك و استولى عليها بسبب الاعتياد و الألف،و العادة طبيعة خامسة،و النزوع عن العاجل لخوف الآجل شديد على النفس.و لذلك قال تعالى كَلاّٰ بَلْ تُحِبُّونَ الْعٰاجِلَةَ وَ تَذَرُونَ الْآخِرَةَ [1]و قال عز و جل بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيٰاةَ الدُّنْيٰا [2]و قد عبّر عن شدة الأمر قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم[1]«حفّت الجنّة بالمكاره و حفّت النّار بالشهوات »و قوله صلّى اللّه عليه و سلم[2]«إنّ اللّه تعالى خلق النّار فقال لجبريل عليه السّلام اذهب فانظر إليها فنظر إليها فقال و عزّتك لا يسمع بها أحد فيدخلها فحفّها


[1] القيامة:20

[2] الأعلى:16

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست