responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 25

و كتب عمر بن عبد العزيز رضى اللّه عنه إلى عدى بن أرطاة :أما بعد،فإن الدنيا عدوة أولياء اللّه،و عدوة أعداء اللّه.فأما أولياؤه فغمتهم.و أما أعداؤه فغرتهم.

و كتب أيضا إلى بعض عماله:أما بعد،فقد أمكنتك القدرة من ظلم العباد،فإذا هممت بظلم أحد فاذكر قدرة اللّه عليك،و اعلم أنك لا تأتي إلى الناس شيئا إلا كان زائلا عنهم،باقيا عليك.و اعلم أن اللّه عز و جل آخذ للمظلومين من الظالمين و السلام فهكذا ينبغي أن يكون وعظ العامة،و وعظ من لا يدرى خصوص واقعته.فهذه المواعظ مثل الأغذية التي يشترك الكافة في الانتفاع بها.و لأجل فقد مثل هؤلاء الوعاظ انحسم باب الاتعاظ ،و غلبت المعاصي،و استسرى الفساد،و بلى الخلق بوعاظ يزخرفون أسجاعا ،و ينشدون أبياتا،و يتكلفون ذكر ما ليس في سعة علمهم،و يتشبهون بحال غيرهم.

فسقط عن قلوب العامة و قارهم،و لم يكن كلامهم صادرا من القلب ليصل إلى القلب.بل القائل متصلف،و المستمع متكلف،و كل واحد منهما مدبر و متخلف.فإذن كان طلب الطبيب أول علاج المرضى،و طلب العلماء أول علاج العاصين.فهذا أحد أركان العلاج و أصوله الأصل الثاني:الصبر و وجه الحاجة إليه أن المريض إنما يطول مرضه لتناوله ما يضره .

و إنما يتناول ذلك إما لغفلته عن مضرته،و إما لشدة غلبة شهوته.فله سببان .فما ذكرناه هو علاج الغفلة،فيبقى علاج الشهوة.و طريق علاجها قد ذكرناه في كتاب رياضة النفس و حاصله أن المريض إذا اشتدت ضراوته لمأكول مضر،فطريقه أن يستشعر عظم ضرره،ثم يغيب ذلك عن عينه فلا يحضره،ثم يتسلى عنه بما يقرب منه في صورته و لا يكثر ضرره،ثم يصبر بقوة الخوف على الألم الذي يناله في تركه،فلا بد على كل حال من مرارة الصبر.فكذلك يعالج الشهوة في المعاصي.كالشاب مثلا إذا غلبته الشهوة،فصار لا يقدر على حفظ عينه،و لا حفظ قلبه،أو حفظ جوارحه في السعي وراء شهوته.فينبغي أن يستشعر ضرر ذنبه،بأن يستقرى المخوفات التي جاءت فيه من كتاب اللّه تعالى و سنة رسوله صلّى اللّه عليه و سلم.فإذا اشتد خوفه تباعد من الأسباب المهيجة لشهوته.و مهيج الشهوة من خارج،هو حضور المشتهى و النظر إليه،و علاجه الهرب و العزلة.و من داخل تناول لذائذ الأطعمة،و علاجه الجوع و الصوم الدائم.و كل ذلك لا يتم إلا بصبر،

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست