responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 158

و يسأله الثواب في الآخرة على الشكر على نعمته،فإنه قادر على أن يعطى على الشكر ما لا يعطيه على الصبر.فإن قلت:فقد قال بعضهم:أود أن أكون جسرا على النار يعبر علىّ الخلق كلهم فينجون،و أكون أنا في النار ،و قال سمنون رحمه اللّه تعالى
و ليس لي في سواك حظ فكيفما شئت فاختبرنى
فهذا من هؤلاء سؤال للبلاء.فاعلم أنه حكي عن سمنون المحب رحمه اللّه أنه بلى بعد هذا البيت بعلة الحصر ،فكان بعد ذلك يدور على أبواب المكاتب و يقول للصبيان.

ادعوا لعمكم الكذاب.و أما محبة الإنسان ليكون هو في النار دون سائر الخلق فغير ممكنة و لكن قد تغلب المحبة على القلب،حتى يظن المحب بنفسه حبا لمثل ذلك.فمن شرب كأس المحبة سكر،و من سكر توسع في الكلام.و لو زايله سكره علم أن ما غلب عليه كان حالة لا حقيقة لها.فما سمعته من هذا الفن فهو من كلام العشاق الذين أفرط حبهم.و كلام العشاق يستلذ سماعه،و لا يعول عليه.كما حكي أن فاختة كان يراودها زوجها فمنعته،فقال ما الذي يمنعك عنى؟و لو أردت أن أقلب لك الكونين مع ملك سليمان ظهرا لبطن لفعلته لأجلك.

فسمعه سليمان عليه السّلام ،فاستدعاه و عاتبه،فقال،يا نبيّ اللّه،كلام العشاق لا يحكى.

و هو كما قال.و قال الشاعر
أريد وصاله و يريد هجرى فأترك ما أريد لما يريد
و هو أيضا محال،و معناه أنى أريد ما لا يريد،لأن من أراد الوصال ما أراد الهجر فكيف أراد الهجر الذي لم يرده بل لا يصدق هذا الكلام إلا بتأويلين .أحدهما:أن يكون ذلك في بعض الأحوال حتى يكتسب به رضاه الذي يتوصل به إلى مراد الوصال في الاستقبال،فيكون الهجران وسيلة إلى الرضا،و الرضا وسيلة إلى وصال المحبوب،و الوسيلة إلى المحبوب محبوبة.فيكون مثاله مثال محب المال إذا أسلم درهما في درهمين،فهو بحب الدرهمين يترك الدرهم في الحال.

الثاني:أن يصير رضاه عنده مطلوبا من حيث إنه رضاه فقط،و يكون له لذة في استشعاره رضا محبوبه منه،تزيد تلك اللذة على لذته في مشاهدته مع كراهته.فعند ذلك يتصور أن يريد ما فيه الرضا فلذلك قد انتهى حال بعض المحبين إلى أن صارت لذتهم في البلاء مع استشعارهم رضا اللّه عنهم،أكثر من لذتهم في العافية من غير شعور الرضا.فهؤلاء إذا قدروا رضاه في البلاء

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست