responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 99

و إنى لو لبست الدون من الثياب،و جلست في الدون من المجالس،لشمت بي أعداء الدين، و فرحوا بذلك،و كان ذلي ذلا على الإسلام.و نسى المغرور أن عدوّه الذي حذّره منه مولاه هو الشيطان،و أنه يفرح بما يفعله و يسخر به،و ينسى أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم بما ذا نصر الدين،و بما ذا أرغم الكافرين.و نسى ما روى عن الصحابة من التواضع،و التبذل، و القناعة بالفقر و المسكنة،حتى عوتب عمر رضي اللّه عنه في بذاذة زيه عند قدومه إلى الشام فقال:إنا قوم أعزنا اللّه بالإسلام،فلا نطلب العز في غيره.ثم هذا المغرور يطلب عز الدين بالثياب الرقيقة من القصب،و الديبقى،و الإبريسم المحرم،و الخيول،و المراكب، و يزعم أنه يطلب به عز العلم و شرف الدين .و كذلك مهما أطلق اللسان بالحسد في أقرانه أو فيمن رد عليه شيئا من كلامه،لم يظن بنفسه أن ذلك حسد،و لكن قال إنما هذا غضب للحق،ورد على المبطل في عدوانه و ظلمه،و لم يظن بنفسه الحسد.حتى يعتقد أنه لو طعن في غيره من أهل العلم،أو منع غيره من رياسة و زوحم فيها،هل كان غضبه و عداوته مثل غضبه الآن،فيكون غضبه للّٰه،أم لا يغضب مهما طعن في عالم آخر و منع،بل ربما يفرح به فيكون غضبه لنفسه،و حسده لأقرانه،من خبث باطنه؟و هكذا يرائي بأعماله و علومه، و إذا خطر له خاطر الرياء قال هيهات،إنما غرضي من إظهار العلم و العمل اقتداء الخلق بي ليهتدوا إلى دين اللّه تعالى،فيتخلصوا من عقاب اللّه تعالى.و لا يتأمل المغرور أنه ليس يفرح باقتداء الخلق بغيره،كما يفرح باقتدائهم به.فلو كان غرضه صلاح الخلق لفرح بصلاحهم على يد من كان،كمن له عبيد مرضى يريد معالجتهم،فإنه لا يفرق بين أن يحصل شفاؤهم على يده أو على يد طبيب آخر.و ربما يذكر هذا له،فلا يخليه الشيطان أيضا و يقول.إنما ذلك لأنهم إذا اهتدوا بي كان الأجر لي،و الثواب لي.فإنما فرحي بثواب اللّه،لا بقبول الخلق قولي.هذا ما يظنه بنفسه،و اللّه مطلع من ضميره على أنه لو أخبره نبي بأن ثوابه في الخمول و إخفاء العلم،أكثر من ثوابه في الإظهار،و حبس مع ذلك في سجن،و قيد بالسلاسل،لاحتال في هدم السجن و حل السلاسل،حتى يرجع إلى موضعه الذي به تظهر رياسته،من تدريس أو وعظ أو غيره.و كذلك يدخل على السلطان و يتودد إليه،و يثنى عليه،و يتواضع له،و إذا خطر له أن التواضع للسلاطين الظلمة حرام ،قال له الشيطان:

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست