responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 95

بالمعاملة،كمعرفة الحلال و الحرام،و معرفة أخلاق النفس المذمومة و المحمودة،و كيفية علاجها و الفرار منها،فهي علوم لا تراد إلا للعمل،و لو لا الحاجة إلى العمل لم يكن لهذه العلوم قيمة.و كل علم يراد للعمل فلا قيمة له دون العمل:فمثال هذا كمريض به علة لا يزيلها إلا دواء مركب من أخلاط كثيرة،لا يعرفها إلا حذاق الأطباء،فيسعى في طلب الطبيب، بعد أن هاجر عن وطنه،حتى عثر على طبيب حاذق،فعلمه الدواء،و فصل له الأخلاط و أنواعها،و مقاديرها،و معادنها التي منها تجتلب،و علمه كيفية دق كل واحد منها و كيف خلطه،و عجنه،فتعلم ذلك،و كتب منه نسخة حسنة بخط حسن،و رجع إلى بيته و هو يكررها و يعلمها المرضى،و لم يشتغل بشربها و استعمالها.أ فترى أن ذلك يغنى عنه من مرضه شيئا؟هيهات!هيهات!لو كتب منه ألف نسخة،و علمه ألف مريض حتى شفى جميعهم و كرره كل ليلة ألف مرة،لم يغنه ذلك من مرضه شيئا،إلا أن يزن الذهب،و يشترى الدواء،و يخلطه كما تعلم ،و يشربه،و يصبر على مرارته،و يكون شربه في وقته،و بعد تقديم الاحتماء و جميع شروطه.و إذا فعل جميع ذلك،فهو على خطر من شفائه،فكيف إذا لم يشربه أصلا؟فمهما ظنّ أن ذلك يكفيه و يشفيه،فقد ظهر غروره و هكذا الفقيه الذي أحكم علم الطاعات و لم يعملها،و أحكم علم المعاصي و لم يجتنبها،و أحكم علم الأخلاق المذمومة و ما زكى نفسه منها،و أحكم علم الأخلاق المحمودة و لم يتصف بها، فهو مغرور.إذ قال تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّٰاهٰا [1]و لم يقل قد أفلح من تعلم كيفية تزكيتها و كتب علم ذلك و علمه الناس و عند هذا يقول له الشيطان:لا يغرنك هذا المثال،فإن العلم بالدواء لا يزيل المرض.

و إنما مطلبك القرب من اللّه و ثوابه،و العلم يجلب الثواب.و يتلو عليه الأخبار الواردة في فضل العلم.فإن كان المسكين معتوها مغرورا،وافق ذلك مراده و هواه،فاطمأن إليه و أهمل العمل.و إن كان كيسا،فيقول للشيطان:أ تذكرني فضائل العلم،و تنسيني ما ورد في العالم الفاجر الذي لا يعمل بعلمه؟كقوله تعالى فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ [2]و كقوله تعالى مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرٰاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهٰا كَمَثَلِ الْحِمٰارِ يَحْمِلُ أَسْفٰاراً [3]فأي خزى


[1] الشمس:9

[2] الأعراف:177

[3] الجمعة:5

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست