responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 93

قلوب الرّجال كما تخلق الثّياب على الأبدان أمرهم كلّه يكون طمعا لا خوف معه إن أحسن أحدهم قال يتقبّل منّى و إن أساء قال يغفر لي»فأخبر أنهم يضعون الطمع موضع الخوف لجهلهم بتخويفات القرءان و ما فيه.و بمثله أخبر عن النصارى إذ قال تعالى فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتٰاب َ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هٰذَا الْأَدْنىٰ وَ يَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنٰا [1]و معناه أنهم ورثوا الكتاب أي هم علماء،و يأخذون عرض هذا الأدنى أي شهواتهم من الدنيا،حراما كان أو حلالا.و قد قال تعالى وَ لِمَنْ خٰافَ مَقٰامَ رَبِّهِ جَنَّتٰانِ [2]ذٰلِكَ لِمَنْ خٰافَ مَقٰامِي وَ خٰافَ وَعِيدِ [3]و القرءان من أوله إلى آخره تحذير و تخويف لا يتفكر فيه متفكر إلا و يطول حزنه،و يعظم خوفه إن كان مؤمنا بما فيه.و ترى الناس يهذونه هذّا يخرجون الحروف من مخارجها،و يتناظرون على خفضها،و رفعها،و نصبها و كأنهم يقرءون شعرا من أشعار العرب،لا يهمهم الالتفات إلى معانيه،و العمل بما فيه و هل في العالم غرور يزيد على هذا.فهذه أمثلة الغرور باللّه،و بيان الفرق بين الرجاء و الغرور و يقرب منه غرور طوائف لهم طاعات و معاص،إلا أن معاصيهم أكثر،و هم يتوقعون المغفرة،و يظنون أنهم تترجح كفة حسناتهم،مع أن ما في كفة السيئات أكثر و هذا غاية الجهل.فترى الواحد يتصدق بدراهم معدودة من الحلال و الحرام،و يكون ما يتناول من أموال المسلمين و الشبهات أضعافه.و لعل ما تصدق به من أموال المسلمين،و هو يتكل عليه و يظن أن أكل ألف درهم حرام،يقاومه التصدق بعشرة من الحرام أو الحلال و ما هو إلا كمن وضع عشرة دراهم في كفة ميزان،و في الكفة الأخرى ألفا،و أراد أن يرفع الكفة الثقيلة بالكفة الخفيفة.و ذلك غاية جهله.نعم:و منهم من يظن ان طاعاته أكثر من معاصيه،لأنه لا يحاسب نفسه و لا يتفقد معاصيه،و إذا عمل طاعة حفظها و اعتد بها،كالذي يستغفر اللّه بلسانه،أو يسبح اللّه في اليوم مائة مرة،ثم يغتاب المسلمين،و يمزق أعراضهم و يتكلم بما لا يرضاه اللّه طول النهار من غير حصر و عدد.و يكون نظره إلى عدد سبحته أنه استغفر اللّه مائة مرة،و غفل عن هذيانه طول نهاره،الذي لو كثبه لكان مثل تسبيحه


[1] الأعراف:69

[2] الرحمن:46

[3] إبراهيم:14

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست