responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 88

الجهل باللّه و بصفاته،فإن من عرفه لا يأمن مكره،و لا يغتر بأمثال هذه الخيالات الفاسدة و ينظر إلى فرعون،و هامان،و قارون،و إلى ملوك الأرض و ما جرى لهم،كيف أحسن اللّه إليهم ابتداء،ثم دمرهم تدميرا.فقال تعالى هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ [1]الآية و قد حذر اللّه تعالى من مكره و استدراجه فقال فَلاٰ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّٰهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخٰاسِرُونَ [2]و قال تعالى وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنٰا مَكْراً وَ هُمْ لاٰ يَشْعُرُونَ [3]و قال عز و جل وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللّٰهُ وَ اللّٰهُ خَيْرُ الْمٰاكِرِين َ [4]و قال تعالى إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَ أَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكٰافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً [5]فكما لا يجوز للعبد المهمل أن يستدل بإهمال السيد إياه،و تمكينه من النعم،على حب السيد،بل ينبغي أن يحذر أن يكون ذلك مكرا منه و كيدا،مع أن السيد لم يحذره مكر نفسه،فبأن يحب ذلك في حق اللّه تعالى مع تحذيره استدراجه أولى فإذا من أمن مكر اللّه فهو مغتر.و منشأ هذا الغرور أنه استدل بنعم الدنيا على أنه كريم عند ذلك المنعم،و احتمل أن يكون ذلك دليل الهوان،و لكن ذلك الاحتمال لا يوافق الهوى،فالشيطان بواسطة الهوى يميل بالقلب إلى ما يوافقه،و هو التصديق بدلالته على الكرامة،و هذا هو حد الغرور.

المثال الثاني:غرور العصاة من المؤمنين

،بقولهم إن اللّه كريم،و إنا نرجو عفوه، و اتكالهم على ذلك،و إهمالهم الأعمال ،و تحسين ذلك بتسمية تمنيهم و اغترارهم رجاء، و ظنهم أن الرجاء مقام محمود في الدين،و أن نعمة اللّه واسعة،و رحمته شاملة،و كرمه عميم.

و أين معاصي العباد في بحار رحمته،و إنا موحدون و مؤمنون،فنرجوه بوسيلة الإيمان.

و ربما كان مستند رجائهم التمسك بصلاح الآباء و علو رتبتهم،كاغترار العلوية بنسبهم،و مخالفة سيرة آبائهم في الخوف،و التقوى،و الورع،و ظنهم أنهم أكرم على اللّه من آبائهم،إذ آباؤهم مع غاية الورع و التقوى كانوا خائفين،و هم مع غاية الفسق و الفجور آمنون.و ذلك نهاية الاغترار باللّه تعالى.فقياس الشيطان للعلوية أن من أحب إنسانا أحب أولاده و أن اللّه قد أحب آباءكم فيحبكم،فلا تحتاجون إلى الطاعة.و ينسى المغرور أن نوحا عليه السّلام


[1] مريم:98

[2] الأعراف:99

[3] النحل:55

[4] آل عمران:54

[5] الطارق:15

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست