responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 87

كما يحمى أحدكم مريضه من الطعام و الشراب و هو يحبه.هكذا ورد في الخبر عن سيد البشر و كان أرباب البصائر إذا أقبلت عليهم الدنيا حزنوا و قالوا:ذنب عجلت عقوبته.و رأوا ذلك علامة المقت و الإهمال.و إذا أقبل عليهم الفقر قالوا مرحبا بشعار الصالحين.و المغرور إذا أقبلت عليه الدنيا ظن أنها كرامة من اللّه ،و إذا صرفت عنه ظن أنها هو ان،كما أخبر اللّه تعالى عنه إذ قال فَأَمَّا الْإِنْسٰانُ إِذٰا مَا ابْتَلاٰهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَ نَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ. وَ أَمّٰا إِذٰا مَا ابْتَلاٰهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهٰانَنِ [1]فأجاب اللّه عن ذلك كَلاّٰ [2]أي ليس كما قال،إنما هو ابتلاء،نعوذ باللّه من شر البلاء،و نسأل اللّه التثبيت.فبين أن ذلك غرور.قال الحسن:كذبهما جميعا بقوله كَلاّٰ [3]يقول ليس هذا باكرامى و لا هذا بهواني.و لكن الكريم من أكرمته بطاعتى،غنيا كان أو فقيرا،و المهان من أهنته بمعصيتي،غنيا كان أو فقيرا .

و هذا الغرور علاجه معرفة دلائل الكرامة و الهوان،إما بالبصيرة أو بالتقليد أما البصيرة فبأن يعرف وجه كون الالتفات إلى شهوات الدنيا مبعدا عن اللّه،و وجه كون التباعد عنها مقربا إلى اللّه،و يدرك ذلك بالإلهام في منازل العارفين و الأولياء،و شرحه من جملة علوم المكاشفة،و لا يليق بعلم المعاملة.و أما معرفته بطريق التقليد و التصديق،فهو أن يؤمن بكتاب اللّه تعالى،و يصدق رسوله.و قد قال تعالى أَ يَحْسَبُونَ أَنَّمٰا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مٰالٍ وَ بَنِينَ. نُسٰارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرٰاتِ بَلْ لاٰ يَشْعُرُونَ [4]و قال تعالى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لاٰ يَعْلَمُونَ [5]و قال تعالى فَتَحْنٰا عَلَيْهِمْ أَبْوٰابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّٰى إِذٰا فَرِحُوا بِمٰا أُوتُوا أَخَذْنٰاهُمْ بَغْتَةً فَإِذٰا هُمْ مُبْلِسُون َ [6]و في تفسير قوله تعالى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لاٰ يَعْلَمُونَ [7]أنهم كلما أحدثوا ذنبا أحدثنا لهم نعمة.ليزيد غرورهم و قال تعالى إِنَّمٰا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدٰادُوا إِثْماً [8]و قال تعالى وَ لاٰ تَحْسَبَنَّ اللّٰهَ غٰافِلاً عَمّٰا يَعْمَلُ الظّٰالِمُونَ إِنَّمٰا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصٰارُ [9]إلى غير ذلك مما ورد في كتاب اللّه تعالى و سنة رسوله.فمن آمن به تخلص من هذا الغرور،فإن منشأ هذا الغرور


[1] الفجر:15

[2] الفجر:16

[3] الفجر:17

[4] المؤمنون:55،56

[5] القلم:44

[6] الانعام:44

[7] القلم:44

[8] آل عمران:178

[9] إبراهيم:32

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 87
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست