responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 86

و قال اللّه تعالى وَ لَئِنْ أَذَقْنٰاهُ رَحْمَةً مِنّٰا مِنْ بَعْدِ ضَرّٰاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هٰذٰا لِي وَ مٰا أَظُنُّ السّٰاعَةَ قٰائِمَةً وَ لَئِنْ رُجِعْتُ إِلىٰ رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنىٰ [1]و هذا كله من الغرور باللّه ،و سببه قياس من أقيسة إبليس نعوذ باللّه منه،و ذلك أنهم ينظرون مرة إلى نعم اللّه عليهم في الدنيا،فيقيسون عليها نعمة الآخرة.و ينظرون مرة إلى تأخير العذاب عنهم،فيقيسون عليه عذاب الآخرة كما قال تعالى وَ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لاٰ يُعَذِّبُنَا اللّٰهُ بِمٰا نَقُولُ [2]فقال تعالى جوابا لقولهم حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهٰا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ [3]و مرة ينظرون إلى المؤمنين و هم فقراء شعث غير،فيزدرون بهم و يستحقرونهم فيقولون أَ هٰؤُلاٰءِ مَنَّ اللّٰهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنٰا [4]و يقولون لَوْ كٰانَ خَيْراً مٰا سَبَقُونٰا إِلَيْهِ [5]و ترتيب القياس الذي نظمه في قلوبهم،أنهم يقولون قد أحسن اللّه إلينا بنعيم الدنيا،و كل محسن فهو محب،و كل محب فإنه يحسن أيضا في المستقبل،كما قال الشاعر
لقد أحسن اللّه فيما مضى كذلك يحسن فيما بقي
و إنما يقيس المستقبل على الماضي بواسطة الكرامة و الحب،إذ يقول:لو لا أنى كريم عند اللّه و محبوب،لما أحسن إلىّ،و التلبيس تحت ظنه أن كل محسن محب،لا بل تحت ظنه أن إنعامه عليه في الدنيا إحسان،فقد اغتر باللّه إذ ظن أنه كريم عنده،بدليل لا يدل على الكرامة.بل عند ذوي البصائر يدل على الهوان .و مثاله أن يكون للرجل عبدان صغيران يبغض أحدهما و يحب الآخر،فالذي يحبه يمنعه من اللعب،و يلزمه المكتب،و يحبسه فيه ليعلمه الأدب،و يمنعه من الفواكه و ملاذّ الأطعمة التي تضره،و يسقيه الأدوية التي تنفعه.

و الذي يبغضه يهمله ليعيش كيف يريد،فيلعب،و لا يدخل المكتب،و يأكل كل ما يشتهي،فيظن هذا العبد المهمل أنه عند سيده محبوب كريم،لأنه مكنه من شهواته و لذاته و ساعده على جميع أغراضه.فلم يمنعه و لم يحجر عليه.و ذلك محض الغرور و هكذا نعيم الدنيا و لذاتها.فإنها مهلكات و مبعدات من اللّه،[1]فإن اللّه يحمى عبده من الدنيا و هو يحبه


[1] فصلت:50

[2] المجادلة:8

[3] المجادلة:8

[4] الانعام:53

[5] الاحقاف:11

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست