responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 82

فكأنه ترك واحدا ليأخذ ألف ألف.بل ليأخذ ما لا نهاية له و لا حد.و إن نظر من حيث النوع،رأى لذات الدنيا مكدرة مشوبة بأنواع المنغصات و لذات الآخرة صافية غير مكدرة فإذا قد غلط في قوله النقد خير من النسيئة.فهذا غرور منشؤه قبول لفظ عام مشهور، أطلق و أريد به خاص،فغفل به المغرور عن خصوص معناه.فإن من قال النقد خير من النسيئة،أراد به خيرا من نسيئة هي مثله ،و إن لم يصرح به.و عند هذا يفزع الشيطان إلى القياس الآخر ،و هو أن اليقين خير من الشك،و الآخرة شك.و هذا القياس أكثر فسادا من الأوّل لأن كلا أصليه باطل.إذ اليقين خير من الشك إذا كان مثله.و إلاّ فالتاجر في تعبه على يقين.و في ربحه على شك،و المتفقه في اجتهاده على يقين،و في إدراكه رتبة العلم على شك.و الصياد في تردده في المقتنص على يقين،و في الظفر بالصيد على شك.و كذا الحزم دأب العقلاء بالاتفاق و كل ذلك ترك لليقين بالشك.و لكن التاجر يقول.إن لم أتجر بقيت جائعا و عظم ضررى.

و إن اتجرت كان تعبى قليلا و ربحي كثيرا.و كذلك المريض يشرب الدواء البشع الكرية، و هو من الشفاء على شك،و من مرارة الدواء على يقين.و لكن يقول ضرر مرارة الدواء قليل بالإضافة إلى ما أخافه من المرض و الموت.فكذلك من شك في الآخرة، فواجب عليه بحكم الحزم أن يقول:أيام الصبر قلائل،و هو منتهى العمر،بالإضافة إلى ما يقال من أمر الآخرة.فإن كان ما قيل فيه كذبا،فما يفوتني إلا التنعم أيام حياتي،و قد كنت في العدم من الأزل إلى الآن لا أتنعم.فأحسب أنى بقيت في العدم.و إن كان ما قيل صدقا فأبقى في النار أبد الآباد،و هذا لا يطاق.و لهذا قال على كرم اللّه وجهه لبعض الملحدين :إن كان ما قلته حقا فقد تخلصت و تخلصنا.و إن كان ما قلناه حقا فقد تخلصنا و هلكت.و ما قال هذا عن شك منه في الآخرة،و لكن كلم الملحد على قدر عقله،و بين له أنه و إن لم يكن متيقنا فهو مغرور و أما الأصل الثاني من كلامه،و هو أن الآخرة شك،فهو أيضا خطأ.بل ذلك يقين عند المؤمنين.و ليقينه مدركان:أحدهما الإيمان و التصديق تقليدا للأنبياء و العلماء،و ذلك أيضا يزيل الغرور،و هو مدرك يقين العوام و أكثر الخواص و مثالهم مثال مريض لا يعرف دواء علته،و قد اتفق الأطباء و أهل الصاعة من عند آخر هم على أن دواءه النبت الفلانى،فإنه تطمئن نفس المريض إلى تصديقهم،و لا يطالبهم بتصحيح

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست