responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 83

ذلك بالبراهين الطبية.بل يثق بقولهم و يعمل به.و لو بقي سواديّ أو معتوه يكذبهم في ذلك و هو يعلم بالتواتر و قرائن الأحوال أنهم أكثر منه عددا،و أغزر منه فضلا،و أعلم منه بالطلب،بل لا علم له بالطب،فيعلم كذبهم بقولهم،و لا يعتقد كذبه بقوله، و لا يغتر في علمه بسببه.و لو اعتمد قوله،و ترك قول الأطباء،كان معتوها مغرورا .

فكذلك من نظر إلى المقرين بالآخرة،و المخبرين عنها ،و القائلين بأن التقوى هو الدواء النافع في الوصول إلى سعادتها،وجدهم خير خلق اللّه،و أعلاهم رتبة في البصيرة،و المعرفة.و العقل و هم الأنبياء،و الأولياء،و الحكماء،و العلماء،و اتبعهم عليه الخلق على أصنافهم،و شذ منهم آحاد من البطالين،غلبت عليهم الشهوة،و مالت نفوسهم إلى التمتع،فعظم عليهم ترك الشهوات،و عظم عليهم الاعتراف بأنهم من أهل النار،فجحدوا الآخرة،و كذبوا الأنبياء فكما أن قول الصبي و قول السواديّ لا يزيل طمأنينة القلب إلى ما اتفق عليه الأطباء،فكذلك قول هذا الغبي الذي استرقته الشهوات،لا يشكك في صحة أقوال الأنبياء و الأولياء و العلماء.و هذا القدر من الإيمان كاف لجملة الخلق،و هو يقين جازم يستحث على العمل لا محالة،و الغرور يزول به و أما المدرك الثاني لمعرفة الآخرة،فهو الوحي للأنبياء،و الإلهام للأولياء.و لا نظنن أن معرفة النبي عليه السلام لأمر الآخرة و لأمور الدين،تقليد لجبريل عليه السلام بالسماع منه،كما أن معرفتك تقليد للنبي صلّى اللّه عليه و سلم،حتى تكون معرفتك مثل معرفته، و إنما يختلف المقلد فقط،و هيهات .فإن التقليد ليس بمعرفة.بل هو اعتقاد صحيح.و الأنبياء عارفون.و معنى معرفتهم أنه كشف لهم حقيقة الأشياء كما هو عليها،فشاهدوها بالبصيرة الباطنة،كما تشاهد أنت المحسوسات بالبصر الظاهر.فيخبرون عن مشاهدة لا عن سماع و تقليد.و ذلك بأن يكشف لهم عن حقيقة الروح،و أنه من أمر اللّه تعالى،و ليس المراد بكونه من أمر اللّه الأمر الذي يقابل النهى،لأن ذلك الأمر كلام،و الروح ليس بكلام و ليس المراد بالأمر الشأن،حتى يكون المراد به أنه من خلق اللّه فقط،لأن ذلك عام في جميع المخلوقات.بل العالم عالمان:عالم الأمر،و عالم الخلق.و للّٰه الخلق و الأمر.فالأجساد ذوات الكمية و المقادير من عالم الخلق،إذ الخلق عبارة عن التقدير في وضع اللسان.و كل موجود منزه عن الكمية و المقدار فإنه من عالم الأمر.و شرح ذلك سر الروح و لا رخصة

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست