responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 72

صلّى اللّه عليه و سلّم اعملا لأنفسكما فإنّى لا أغنى عنكما من اللّه شيئا » فمن عرف هذه الأمور،و علم أن شرفه بقدر تقواه،و قد كان من عادة آبائه التواضع، اقتدى بهم في التقوى و التواضع .و إلا كان طاعنا في نسب نفسه بلسان حاله،مهما انتمى إليهم و لم يشبههم في التواضع،و التقوى،و الخوف،و الإشفاق .

فإن قلت:فقد قال صلّى اللّه عليه و سلم[1]بعد قوله لفاطمة و صفية«إنّى لا أغنى عنكما من اللّه شيئا إلاّ أنّ لكم رحما سأبلّها ببلالها» [1]و قال عليه الصلاة و السلام[2]«أ ترجو سليم شفاعتي و لا يرجوها بنو عبد المطّلب»فذلك يدل على أنه سيخص قرابته بالشفاعة فاعلم أن كل مسلم فهو منتظر شفاعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم.و النسيب أيضا جدير بأن يرجوها،لكن بشرط أن يتقى اللّه أن يغضب عليه.فإنه إن يغضب عليه.فلا يأذن لأحد في شفاعته،لأن الذنوب منقسمة إلى ما يوجب المقت فلا يؤذن في الشفاعة له، و إلى ما يعفى عنه بسبب الشفاعة.كالذنوب عند ملوك الدنيا.فإن كل ذي مكانة عند الملك لا يقدر على الشفاعة فيما اشتد عليه غضب الملك.فمن الذنوب ما لا تنجى منه الشفاعة.و عند العبارة بقوله تعالى وَ لاٰ يَشْفَعُونَ إِلاّٰ لِمَنِ ارْتَضىٰ [2]و بقوله مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّٰ بِإِذْنِهِ [3]و بقوله وَ لاٰ تَنْفَعُ الشَّفٰاعَةُ عِنْدَهُ إِلاّٰ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [4]و بقوله فَمٰا تَنْفَعُهُمْ شَفٰاعَةُ الشّٰافِعِينَ [5]و إذا انقسمت الذنوب إلى ما يشفع فيه و إلى ما لا يشفع فيه،وجب الخوف و الإشفاق لا محالة،و لو كان كل ذنب تقبل فيه الشفاعة،لما أمر قريشا بالطاعة،و لما نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فاطمة رضي اللّه عنها عن المعصية،و لكان يأذن لها في اتباع الشهوات لتكمل لذاتها في الدنيا،ثم يشفع لها في الآخرة لتكمل لذاتها في الآخرة.

فالانهماك في الذنوب و ترك التقوى،اتكالا على رجاء الشفاعة،يضاهي انهماك المريض في شهواته،


[1] سأبلها ببلالها:أي أصلكم في الدنيا و لا أغنى عنكم من اللّه شيئا

[2] الأنبياء:28

[3] البقرة:255

[4] سبأ:23

[5] المدثر:48

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست