responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 67

حتى تيسر لك الخير،و تيسر لهم الشر.فعل ذلك كله بك من غير وسيلة سابقة منك، و لا جريمة سابقة من الفاسق العاصي.بل آثرك،و قدمك،و اصطفاك بفضله،و أبعد العاصي،و أشقاه بعدله.فما أعجب إعجابك بنفسك إذا عرفت ذلك! فإذا لا تنصرف قدرتك إلى المقدور إلا بتسليط اللّه عليك داعية لا تجد سبيلا إلى مخالفتها فكأنه الذي اضطرك إلى الفعل إن كنت فاعلا تحقيقا فله الشكر و المنة لا لك.و سيأتي في كتاب التوحيد و التوكل من بيان تسلسل الأسباب و المسببات ما تستبين به أنه لا فاعل إلا اللّه، و لا خالق سواه.و العجب ممن يتعجب إذا رزقه اللّه عقلا،و أفقره ممن أفاض عليه المال من غير علم،فيقول كيف منعني قوت يومي و أنا العاقل الفاضل!و أفاض على هذا نعيم الدنيا و هو الغافل الجاهل!حتى يكاد يرى هذا ظلما.و لا يدرى المغرور أنه لو جمع له بين العقل و المال جميعا،لكان ذلك بالظلم أشبه في ظاهر الحال.إذ يقول الجاهل الفقير يا رب لم جمعت له بين العقل و الغنى و حرمتني منهما؟فهلا جمعتهما لي أو هلا رزقتني أحدهما و إلى هذا أشار على رضى اللّه عنه حيث قيل له.ما بال العقلاء فقراء؟فقال:إن عقل الرجل محسوب عليه من رزقه.و العجب أن العاقل الفقير ربما يرى الجاهل الغنى أحسن حالا من نفسه.و لو قيل له هل تؤثر جهله و غناه عوضا عن عقلك و فقرك؟لامتنع عنه،فإذا ذلك يدل على أن نعمة اللّه عليه أكبر،فلم يتعجب من ذلك؟و المرأة الحسناء الفقيرة ترى الحلي و الجواهر على الذميمة القبيحة،فتتعجب و تقول:كيف يحرم مثل هذا الجمال من الزينة ؟ و يخصص مثل ذلك القبح!و لا تدري المغرورة أن الجمال محسوب عليها من رزقها،و أنها لو خيرت بين الجمال و بين القبح مع الغنى لآثرت الجمال.فإذن نعمة اللّه عليها أكبر.و قول الحكيم الفقير العاقل بقلبه.يا رب لم حرمتني الدنيا و أعطيتها الجهال،كقول من أعطاه الملك فرسا فيقول.أيها الملك لم لا تعطيني الغلام و أنا صاحب فرس؟فيقول كنت لا تتعجب من هذا لو لم أعطك الفرس.فهب أنى ما أعطيتك فرسا،أ صارت نعمتى عليك وسيلة لك و حجة،تطلب بها نعمة أخرى.فهذه أوهام لا تخلو الجهال عنها و منشأ جميع ذلك الجهل و يزال ذلك بالعلم المحقق بأن العبد،و عمله،و أوصافه،كل ذلك من عند اللّه تعالى نعمة ابتدأه بها قبل الاستحقاق،و هذا ينفى العجب و الإدلال،و يورث الخضوع،و الشكر،

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست