responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 66

الإرادة.و لو أردت أن تنفى شيئا من هذا عن نفسك لم تقدر عليه.ثم خلق الحركات في أعضائك،مستبدا باختراعها من غير مشاركة من جهتك معه في الاختراع،إلا أنه خلقه على ترتيب،فلم يخلق الحركة ما لم يخلق في العضو قوة،و في القلب إرادة.و لم يخلق إرادة ما لم يخلق علما بالمراد.و لم يخلق علما ما لم يخلق القلب الذي هو محل العلم.فتدريجه في الخلق شيئا بعد شيء هو الذي خيل لك أنك أوجدت عملك،و قد غلطت.و إيضاح ذلك و كيفية الثواب على عمل هو من خلق اللّه،سيأتي تقريره في كتاب الشكر،فإنه أليق به.فارجع إليه و نحن الآن نزيل إشكالك بالجواب الثاني،الذي فيه مسامحة ما،و هو أن تحسب أن العمل حصل بقدرتك.فمن أين قدرتك ؟و لا يتصور العمل إلا بوجودك،و وجود عملك و إرادتك،و قدرتك،و سائر أسباب عملك و كل ذلك من اللّه تعالى لا منك .فإن كان العمل بالقدرة،فالقدرة مفتاحه.و هذا المفتاح بيد اللّه و مهما لم يعطك المفتاح فلا يمكنك العمل فالعبادات خزائن بها يتوصل إلى السعادات،و مفاتيحها القدرة،و الإرادة،و العلم،و هي بيد اللّه لا محالة.أ رأيت لو رأيت خزائن الدنيا مجموعة في قلعة حصينة،و مفتاحها بيد خازن و لو جلست على بابها و حول حيطانها ألف سنة لم يمكنك أن تنظر إلى دينار مما فيها و لو أعطاك المفتاح لأخذته من قريب،بأن تبسط يدك إليه فتأخذه فقط.فإذا أعطاك الخازن المفاتيح و سلطك عليها،و مكنك منها،فمددت يدك و أخذتها،كان إعجابك بإعطاء الخازن المفاتيح أو بما إليك من مد اليد و أخذها ؟فلا تشك في أنك ترى ذلك نعمة من الخازن،لأن المؤنة في تحريك اليد بأخذ المال قريبة.و إنما الشأن كله في تسليم المفاتيح:فكذلك مهما خلقت القدرة و سلطت الإرادة الجازمة،و حركت الدواعي و البواعث،و صرف عنك الموانع و الصوارف،حتى لم يبق صارف إلا دفع،و لا باعث إلا و كل بك،فالعمل هين عليك و تحريك البواعث،و صرف العوائق،و تهيئة الأسباب،كلها من اللّه،ليس شيء منها إليك فمن العجائب أن تعجب بنفسك و لا تعجب بمن إليه الأمر كله،و لا تعجب بجوده،و فضله و كرمه في إيثاره إياك على الفساق من عباده،إذ سلط دواعي الفساد على الفساق،و صرفها عنك،و سلط أخدان السوء و دعاة الشر عليهم،و صرفهم عنك،و مكنهم من أسباب الشهوات و اللذات،و زواها عنك،و صرف عنهم بواعث الخير و دواعيه،و سلطها عليك

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست