responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 65

لا يظلم،و لا يقدم و لا يؤخر إلا لسبب،فلو لا أنه تفطن في صفة من الصفات المحمودة الباطنة،لما اقتضى الإيثار بالخلعة،و لما آثرني بها.فيقال و تلك الصفة أيضا هي من خلعة الملك و عطيته،التي خصصك بها من غيرك من غير وسيلة.أو هي عطية غيره؟فإن كانت من عطية الملك أيضا،لم يكن لك أن تعجب بها.بل كان كما لو أعطاك فرسا فلم تعجب به،فأعطاك غلاما فصرت تعجب به و تقول:إنما أعطاني غلاما لأني صاحب فرس فأما غيري فلا فرس له.فيقال و هو الذي أعطاك الفرس،فلا فرق بين أن يعطيك الفرس و الغلام معا،أو يعطيك أحدهما بعد الآخر.فإذا كان الكل منه فينبغي أن يعجبك جوده و فضله لا نفسك و أما إن كانت تلك الصفة من غيره،فلا يبعد أن تعجب بتلك الصفة.و هذا يتصوّر في حق الملوك ،و لا يتصوّر في حق الجبار القاهر ملك الملوك،المنفرد باختراع الجميع المنفرد بإيجاد الموصوف و الصفة.فإنك إن أعجبت بعبادتك،و قلت وفقني للعبادة لحبي له، فيقال و من خلق الحب في قلبك؟فسنقول هو.فيقال فالحب و العبادة كلاهما نعمتان من عنده،ابتدأك بهما من غير استحقاق من جهتك،إذ لا وسيلة لك و لا علاقة،فيكون الإعجاب بجوده،إذ أنعم بوجودك و وجود صفاتك،و بوجود أعمالك و أسباب أعمالك فإذا لا معنى لعجب العابد بعبادته،و عجب العالم بعلمه،و عجب الجميل بجماله،و عجب الغنى بغناه،لأن كل ذلك من فضل اللّه،و إنما هو محل لفيضان فضل اللّه تعالى وجوده، و المحل أيضا من فضله و جوده.فإن قلت:لا يمكنني أن أجهل أعمالى،و أنى أنا عملتها،فإنى أنتظر عليها ثوابا،و لو لا أنها عملي لما انتظرت ثوابا،فإن كانت الأعمال مخلوقة للّٰه على سبيل الاختراع فمن أين لي الثواب.و إن كانت الأعمال منى و بقدرتي فكيف لا أعجب بها فاعلم أن جوابك من وجهين.أحدهما هو صريح الحق،و الآخر فيه مسامحة.أما صريح الحق فهو أنك و قدرتك،و إرادتك و حركتك،و جميع ذلك من خلق اللّه و اختراعه.فما عملت إذ عملت ،و ما صليت إذ صليت ،و ما رميت إذ رميت،و لكن اللّه رمى.فهذا هو الحق الذي انكشف لأرباب القلوب،بمشاهدة أوضح من أبصار العين.بل خلقك و خلق أعضاءك،و خلق فيها القوة و القدرة و الصحة،و خلق لك العقل و العلم،و خلق لك

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 65
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست