responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 59

بيان
غاية الرياضة في خلق التواضع

اعلم أن هذا الخلق كسائر الأخلاق،له طرفان و واسطة.فطرفه الذي يميل إلى الزيادة يسمى تكبرا ،و طرفه الذي يميل إلى النقصان يسمى تخاسسا و مذلة،و الوسط يسمى تواضعا و المحمود أن يتواضع في غير مذلة و من غير تخاسس.فإن كلا طرفي الأمور ذميم،و أحب الأمور إلى اللّه تعالى أوساطها.فمن يتقدم على أمثاله فهو متكبر،و من يتأخر عنهم فهو متواضع،أي وضع شيئا من قدره الذي يستحقه.و العالم إذا دخل عليه إسكاف فتنحى له عن مجلسه،و أجلسه فيه،ثم تقدم و سوى له نعله،و غدا إلى باب الدار خلفه،فقد تخاسس و تذلل.و هذا أيضا غير محمود.بل المحمود عند اللّه العدل.و هو أن يعطى كل ذي حق حقه.فينبغي أن يتواضع بمثل هذا لأقرانه و من يقرب من درجته.فأما تواضعه للسوقى فبالقيام،و البشر في الكلام،و الرفق في السؤال،و إجابة دعوته،و السعي في حاجته، و أمثال ذلك،و أن لا يرى نفسه خيرا منه،بل يكون على نفسه أخوف منه على غيره.فلا يحتقره،و لا يستصغره،و هو لا يعرف خاتمة أمره.

فإذا سبيله في اكتساب التواضع أن يتواضع للأقران و لمن دونهم،حتى يخف عليه التواضع المحمود في محاسن العادات،ليزول به الكبر عنه.فإن خف عليه ذلك فقد حصل له خلق التواضع.و إن كان يثقل عليه و هو يفعل ذلك فهو متكلف لا متواضع.بل الخلق ما يصدر عنه الفعل بسهولة من غير ثقل،و من غير روية.فإن خف ذلك و صار بحيث يثقل عليه رعاية قدره،حتى أحب التملق و التخاسس،فقد خرج إلى طرف النقصان،فليرفع نفسه،إذ ليس للمؤمن من أن تذل نفسه،إلى أن يعود إلى الوسط الذي هو الصراط المستقيم و ذلك غامض في هذا الخلق و في سائر الأخلاق.و الميل عن الوسط إلى طرف النقصان و هو التملق أهون من الميل إلى طرف الزيادة بالتكبر.كما أن الميل إلى طرف التبذير في المال أحمد عند الناس من الميل إلى طرف البخل.فنهاية التبذير و نهاية البخل مذمومان،و أحدهما أفحش

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست