responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 56

فقيل له في النوم ائت فلانا الإسكاف فسله أن يدعو لك.فأتاه فسأله عن عمله،فأخبره أنه يصوم النهار،و يكتسب فيتصدق ببعضه،و يطعم عياله ببعضه.فرجع و هو يقول:

إن هذا لحسن،و لكن ليس هذا كالتفرغ لطاعة اللّه،فأتى في النوم ثانيا فقيل له.ائت فلانا الإسكاف فقل له ما هذا الصفار الذي بوجهك.فأتاه فسأله فقال له.ما رأيت أحدا من الناس إلا وقع لي أنه سينجو و أهلك أنا.فقال العابد بهذه.و الذي يدل على فضيلة هذه الخصلة قوله تعالى يُؤْتُونَ مٰا آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلىٰ رَبِّهِمْ رٰاجِعُونَ [1]أي أنهم يؤتون الطاعات و هم على وجل عظيم من قبولها.و قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ [2]و قال تعالى إِنّٰا كُنّٰا قَبْلُ فِي أَهْلِنٰا مُشْفِقِينَ [3]و قد وصف اللّه تعالى الملائكة عليهم السلام،مع تقدسهم عن الذنوب،و مواظبتهم على العبادات،على الدءوب بالإشفاق فقال تعالى مخبرا عنهم يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهٰارَ لاٰ يَفْتُرُونَ [4]وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [5]فمتى زال الإشفاق و الحذر مما سبق به القضاء في الأزل،و ينكشف عند خاتمة الأجل،غلب الأمن من مكر اللّه و ذلك يوجب الكبر،و هو سبب الهلاك فالكبر دليل الأمن، و الأمن مهلك.و التواضع دليل الخوف.و هو مسعد.فإذا ما يفسده العابد بإضمار الكبر و احتقار الخلق،و النظر إليهم بعين الاستصغار،أكثر مما يصلحه بظاهر الأعمال.

فهذه معارف بها يزال داء الكبر عن القلب لا غير.إلا أن النفس بعد هذه المعرفة قد تضمر التواضع و تدعى البراءة من الكبر و هي كاذبة.فإذا وقعت الواقعة عادت إلى طبعها،و نسيت وعدها فعن هذا الا ينبغي أن يكتفى في المداواة بمجرد المعرفة،بل ينبغي أن تكمل بالعمل،و تجرب بأفعال المتواضعين في مواقع هيجان الكبر من النفس.و بيانه أن

يمتحن النفس بخمس
امتحانات

هي أدلة على استخراج ما في الباطن،و إن كانت الامتحانات كثيرة

الامتحان الأول:

أن ينظر في مسألة مع واحد من أقرانه،فإن ظهر شيء من الحق على لسان صاحبه،فثقل عليه قبوله،و الانقياد له،و الاعتراف به،و الشكر له على تنبيهه و تعريفه و إخراجه الحق،فذلك يدل على أن فيه كبرا دفينا،فليتق اللّه فيه و يشتغل بعلاجه


[1] المؤمنون:60

[2] المؤمنون:57

[3] الطور:26

[4] الأنبياء:20

[5] الأنبياء:28

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست