responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 53

كما وقع لعابد بني إسرائيل مع خليعهم.و ذلك لأن الكبر على المطيع ظاهر كونه شرا و الحذر منه ممكن.و الكبر على الفاسق و المبتدع يشبه الغضب للّٰه،و هو خير.فإن الغضبان أيضا يتكبر على من غضب عليه،و المتكبر يغضب.و أحدهما يثمر الآخر و يوجبه ،و هما ممتزجان ملتبسان لا يميز بينهما إلا الموفقون.و الذي يخلصك من هذا،أن يكون الحاضر على قلبك عند مشاهدة المبتدع أو الفاسق،أو عند أمرهما بالمعروف و نهيهما عن المنكر ثلاثة أمور.أحدها:التفاتك إلى ما سبق من ذنوبك و خطاياك ،ليصغر عند ذلك قدرك في عينك،و الثاني:أن تكون ملاحظتك لما أنت متميز به من العلم،و اعتقاد الحق،و العمل الصالح،من حيث إنها نعمة من اللّه تعالى عليك،فله المنة فيه لا لك،فترى ذلك منه حتى لا تعجب بنفسك،و إذا لم تعجب لم تتكبر،و الثالث ملاحظة إبهام عافيتك و عاقبته،أنه ربما يختم لك بالسوء و يختم له بالحسنى،حتى يشغلك الخوف عن التكبر عليه فإن قلت:فكيف أغضب مع هذه الأحوال؟فأقول تغضب لمولاك و سيدك إذ أمرك أن تغضب له لا لنفسك،و أنت في غضبك لا ترى نفسك ناجيا و صاحبك هالكا،بل يكون خوفك على نفسك بما علم اللّه من خفايا ذنوبك .أكثر من خوفك عليه مع الجهل بالخاتمة و أعرفك ذلك بمثال لتعلم أنه ليس من ضرورة الغضب للّٰه أن تتكبر على المغضوب عليه و ترى قدرك فوق قدره فأقول إذا كان للملك غلام و ولد هو قرة عينه،و قد وكل الغلام بالولد ليراقبه،و أمره أن يضربه مهما أساء أدبه و اشتغل بما لا يليق به،و يغضب عليه،فإن كان الغلام محبا مطيعا لمولاه، فلا يجد بدا أن يغضب مهما رأى ولده قد أساء الأدب.و إنما يغضب عليه لمولاه،و لأنه أمره به،و لأنه يريد التقرب بامتثال أمره إليه،و لأنه جرى من ولده ما يكره مولاه، فيضرب ولده و يغضب عليه،من غير تكبر عليه.بل هو متواضع له،يرى قدره عند مولاه فوق قدر نفسه،لأن الولد أعز لا محالة من الغلام،فإذن ليس من ضرورة الغضب التكبر و عدم التواضع.فكذلك يمكنك أن تنظر إلى المبتدع و الفاسق،و تظن أنه ربما كان قدرهما في الآخرة عند اللّه أعظم،لما سبق لهما من الحسني في الأزل،و لما سبق لك من سوء القضاء في الأزل،و أنت غافل عنه،و مع ذلك فتغضب بحكم الأمر محبة لمولاك إذ جرى ما يكرهه،مع التواضع لمن يجوز أن يكون عنده أقرب منك في الآخرة.

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست