responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 52

خطر العلم و هو يعلم أن خطر الفاسق و المبتدع أكثر؟ فاعلم أن ذلك إنما يمكن بالتفكر في خطر الخاتمة.بل لو نظر إلى كافر لم يمكنه أن يتكبر عليه،إذ يتصور أن يسلم الكافر،فيختم له بالإيمان،و يضل هذا العالم،فيختم له بالكفر و الكبير من هو كبير عند اللّه في الآخرة.و الكلب و الخنزير أعلى رتبة ممن هو عند اللّه من أهل النار و هو لا يدرى ذلك.فكم من مسلم نظر إلى عمر رضي اللّه عنه قبل إسلامه، فاستحقره و ازدراه لكفره،و قد رزقه اللّه الإسلام،و فاق جميع المسلمين إلا أبا بكر وحده فالعواقب مطوية عن العباد،و لا ينظر العاقل إلا إلى العاقبة.و جميع الفضائل في الدنيا تراد للعاقبة فإذا من حق العبد أن لا يتكبر على أحد.بل إن نظر إلى جاهل قال.هذا عصى اللّه بجهل،و أنا عصيته لعلم،فهو أعذر منى.و إن نظر إلى عالم قال هذا قد علم ما لم أعلم،فكيف أكون مثله.و إن نظر إلى كبير هو أكبر منه سنا قال.هذا قد أطال اللّه قبلي،فكيف أكون مثله.و إن نظر إلى صغير قال.إنى عصيت اللّه قبله،فكيف أكون مثله.و إن نظر إلى مبتدع أو كافر قال.ما يدريني لعله يختم له بالإسلام،و يختم لي بما هو عليه الآن،فليس دوام الهداية إلىّ،كما لم يكن ابتداؤها إلىّ فبملاحظة الخاتمة يقدر على أن ينفى الكبر عن نفسه،و كل ذلك بأن يعلم أن الكمال في سعادة الآخرة و القرب من اللّه،لا فيما يظهر في الدنيا مما لا بقاء له ،و لعمري هذا الخطر مشترك بين المتكبر و المتكبر عليه.و لكن حق على كل واحد أن يكون مصروف الهمة إلى نفسه،مشغول القلب بخوفه لعاقبته.لا أن يشتغل بخوف غيره.فإن الشفيق بسوء الظن مولع،و شفقة كل إنسان على نفسه.فإذا حبس جماعة في جناية،و وعدوا بأن تضرب رقابهم،لم يتفرغوا لتكبر بعضهم على بعض و إن عمهم الخطر، إذ شغل كل واحد هم نفسه عن الالتفات إلى هم غيره،حتى كأن كل واحد هو وحده في مصيبته و خطره فإن قلت.فكيف أبغض المبتدع في اللّه،و أبغض الفاسق،و قد أمرت ببغضهما،ثم مع ذلك أتواضع لهما،و الجمع بينهما متناقض.

فاعلم أن هذا أمر مشتبه يلتبس على أكثر الخلق.إذ يمتزج غضبك للّٰه في إنكار البدعة و الفسق بكبر النفس،و الإدلال بالعلم و الورع.فكم من عابد جاهل،و عالم مغرور،إذا رأى فاسقا جلس بجنبه أزعجه من عنده،و تنزه عنه بكبر باطن في نفسه،و هو ظان أنه قد غضب للّٰه

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست