responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 51

و قد كان بعضهم يقول:يا ليتني لم تلدني أمي.و يأخذ الآخر تبنة من الأرض و يقول:

يا ليتني كنت هذه التبنة.و يقول الآخر:ليتني كنت طيرا أوكل.و يقول الآخر:ليتني لم أك شيئا مذكورا.كل ذلك خوفا من خطر العاقبة.فكانوا يرون أنفسهم أسوأ حالا من الطير و من التراب،و مهما أطال فكره في الخطر الذي هو بصدده زال بالكلية كبره، و رأى نفسه كأنه شر الخلق،و مثاله مثال عبد أمره سيده بأمور فشرع فيها،فترك بعضها و أدخل النقصان في بعضها،و شك في بعضها أنه هل أداها على ما يرتضيه سيده أم لا.فأخبره مخبر أن سيده أرسل إليه رسولا يخرجه من كل ما هو فيه عربانا ذليلا،و يلقيه على بابه في الحر و الشمس زمانا طويلا،حتى إذا ضاق عليه الأمر،و بلغ به المجهود،أمر برفع حسابه،و فتش عن جميع أعماله قليلها و كثيرها،ثم أمر به إلى سجن ضيق و عذاب دائم،لا يروح عنه ساعة و قد علم أن سيده قد فعل بطوائف من عبيده مثل ذلك،و عفا عن بعضهم؟و هو لا يدرى من أي الفريقين يكون.فإذا تفكر في ذلك انكسرت نفسه و ذل،و بطل عزه و كبره، و ظهر حزنه و خوفه،و لم يتكبر على أحد من الخلق،بل تواضع رجاء أن يكون هو من شفعائه عند نزول العذاب.فكذلك العالم إذا تفكر فيما ضيعه من أوامر ربه،بجنايات على جوارحه،و بذنوب في باطنه من الرياء،و الحقد،و الحسد،و العجب،و النفاق و غيره، و علم مما هو بصدده من الخطر العظيم،فارقه كبره لا محالة

الأمر الثاني:أن العالم يعرف أن الكبر لا يليق إلا باللّه

عز و جل وحده،و أنه إذا نكبر صار ممقوتا عند اللّه بغيضا ،و قد أحب اللّه منه أن يتواضع ،و قال له إن لك عندي قدرا ما لم تر لنفسك قدرا،فإن رأيت لنفسك قدرا فلا قدر لك عندي.فلا بد و أن يكلف نفسه ما يحبه مولاه منه،و هذا يزيل التكبر عن قلبه،و إن كان يستيقن أنه لا ذنب له مثلا أو تصور ذلك.و بهذا زال التكبر عن الأنبياء عليهم السلام،إذ علموا أن من نازع اللّه تعالى في رداء الكبرياء قصمه.و قد أمرهم اللّه بأن يصغروا أنفسهم حتى يعظم عند اللّه محلهم.فهذا أيضا مما يبعثه على التواضع لا محالة فإن قلت:فكيف يتواضع للفاسق المتظاهر بالفسق و للمبتدع،و كيف يرى نفسه دونهم و هو عالم عابد،و كيف يجهل فضل العلم و العبادة عند اللّه تعالى،و كيف يغنيه أن يخطر بباله

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست