responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 49

و كل متكبر بأمر خارج عن ذاته فهو ظاهر الجهل.كيف و المتكبر بالغنى لو تأمل لرأى في اليهود من يزيد عليه في الغنى و الثروة و التجمل.فأف لشرف يسبقك به اليهودي و أف لشرف يأخذه السارق في لحظة واحدة،فيعود صاحبه ذليلا مفلسا.فهذه أسباب ليست في ذاته.و ما هو في ذاته ليس إليه دوام و جوده،و هو في الآخرة و بال و نكال فالتفاخر به غاية الجهل.و كل ما ليس إليك فليس لك.و شيء من هذه الأمور ليس إليك بل إلى واهبه،إن أبقاه لك،و إن استرجعه زال عنك.و ما أنت إلا عبد مملوك لا تقدر على شيء.و من عرف ذلك لا بد و أن يزول كبره.و مثاله أن يفتخر الغافل بقوته،و جماله و ماله،و حريته،و استقلاله،و سعة منازله،و كثرة خيوله و غلمانه،إذ شهد عليه شاهدان عدلان عند حاكم منصف،بأنه رقيق لفلان،و أن أبويه كانا مملوكين له،فعلم ذلك و حكم به الحاكم،فجاء مالكه فأخذه و أخذ جميع ما في يده،و هو مع ذلك يخشى أن يعاقبه و ينكل به لتفريطه في أمواله،و تقصيره في طلب مالكه ليعرف أن له مالكا،ثم نظر العبد فرأى نفسه محبوسا في منزل،قد أحدقت به الحيات و العقارب و الهوام،و هو في كل حال على و جل من كل واحدة منها،و قد بقي لا يملك نفسه و لا ماله،و لا يعرف طريقا في الخلاص البتة.أ فترى من هذا حاله هل يفخر بقدرته،و ثروته،و قوّته،و كماله؟أم تذل نفسه و يخضع؟و هذا حال كل عاقل بصير.فإنه يرى نفسه كذلك،فلا يملك رقبته،و بدنه و أعضاءه،و ماله،و هو مع ذلك بين آفات،و شهوات،و أمراض،و أسقام،هي كالعقارب و الحيات،يخاف منها الهلاك.فمن هذا حاله لا يتكبر بقوّته و قدرته،إذ يعلم أنه لا قدرة له و لا قوّة فهذا طريق علاج التكبر بالأسباب الخارجة،و هو أهون من علاج التكبر بالعلم و العمل،فإنهما كمالان في النفس جديران بأن يفرح بهما،و لكن التكبر بهما أيضا نوع من الجهل خفى كما سنذكره

السبب السادس:الكبر بالعلم

،و هو أعظم الآفات،و أغلب الأدواء،و أبعدها عن قبول العلاج إلاّ بشدة شديدة و جهد جهيد.و ذلك لأن قدر العلم عظيم عند اللّه،عظيم عند الناس.و هو أعظم من قدر المال و الجمال و غيرهما.بل لا قدر لهما أصلا إلا ذا كان معهما علم و عمل

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست