responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 48

قال أنس رحمه اللّه:كان أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه يخطبنا فيقذر إلينا أنفسنا و يقول:خرج أحدكم من مجرى البول مرتين.و كذلك قال طاوس لعمر بن عبد العزيز.ما هذه مشية من في بطنه خرء.إذ رآه يتبختر،و كان ذلك قبل خلافته و هذا أوله و وسطه.و لو ترك نفسه في حياته يوما لم يتعهدها بالتنظيف و الغسل،لثارت منه الأنتان و الأقذار،و صار أنتن و أقذر من الدواب المهملة التي لا تتعهد نفسها قط فإذا نظر أنه خلق من أقذار،و أسكن في أقذار،و سيموت فيصير جيفة أقذر من سائر الأقذار،لم يفتخر بجماله الذي هو كخضراء الدمن،و كلون الأزهار في البوادي، فبينما هو كذلك إذا صار هشيما تذروه الرياح.كيف و لو كان جماله باقيا،و عن هذه القبائح خاليا،لكان يجب أن لا يتكبر به على القبيح،إذ لم يكن قبح القبيح إليه فينفيه،و لا كان جمال الجميل إليه حتى يحمد عليه.كيف و لا بقاء له،بل هو في كل حين يتصور أن يزول بمرض،أو جدري،أو قرحة،أو سبب من الأسباب ،فكم من وجوه جميلة قد سمجت بهذه الأسباب.فمعرفة هذه الأمور تنزع من القلب داء الكبر بالجمال لمن أكثر تأملها

السبب الثالث:التكبر بالقوة و الأيدي.

و يمنعه من ذلك أن يعلم ما سلط عليه من العلل و الأمراض،و أنه لو توجع عرق واحد في يده لصار أعجز من كل عاجز،و أذل من كل ذليل.و أنه لو سلبه الذباب شيئا لم يستنقذه منه.و أن بقة لو دخلت في أنفه،أو نملة دخلت في أذنه لقتلته.و أن شوكة لو دخلت في رجله لأعجزته.و أن حمى يوم تحلل من قوته ما لا ينجبر في مدة.فمن لا يطيق شوكة،و لا يقاوم بقة،و لا يقدر على أن يدفع عن نفسه ذبابة،فلا ينبغي أن يفتخر بقوته.ثم إن قوى الإنسان فلا يكون أقوى من حمار،أو بقرة أو فيل،أو جمل.و أي افتخار في صفة يسبقك فيها البهائم.

السبب الرابع و الخامس الغنى و كثرة المال.

و في معناه كثرة الأتباع و الأنصار،و التكبر بولاية السلاطين ،و التمكن من جهتهم.و كل ذلك تكبر بمعنى خارج عن ذات الإنسان كالجمال و القوة و العلم.و هذا أقبح أنواع الكبر.فإن المتكبر بماله كأنه متكبر بفرسه و داره:و لو مات فرسه و انهدمت داره لعاد ذليلا.و المتكبر بتمكين السلطان و ولايته لا بصفة في نفسه،بنى أمره على قلب هو أشد غليانا من القدر.فإن تغير عليه كان أذل الخلق

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست