responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 42

قُتِلَ الْإِنْسٰانُ مٰا أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ. ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ. ثُمَّ أَمٰاتَهُ فَأَقْبَرَهُ. ثُمَّ إِذٰا شٰاءَ أَنْشَرَهُ [1] فقد أشارت الآية إلى أوّل خلق الإنسان،و إلى آخر أمره،و إلى وسطه.فلينظر الإنسان ذلك ليفهم معنى هذه الآية.أما أوّل الإنسان فهو أنه لم يكن شيئا مذكورا،و قد كان في حيز العدم دهورا،بل لم يكن لعدمه أوّل.و أي شيء أخس و أقل من المحو و العدم؟و قد كان كذلك في القدم.ثم خلقه اللّه من أرذل الأشياء،ثم من أقذرها.إذ قد خلقه من تراب،ثم من نطفة،ثم من علقة،ثم من مضغة،ثم جعله عظما،ثم كسا العظم لحما.فقد كان هذا بداية وجوده حيث كان شيئا مذكورا.فما صار شيئا مذكورا إلا و هو على أخس الأوصاف و النعوت،إذ لم يخلق في ابتدائه كاملا،بل خلقه جمادا ميتا لا يسمع،و لا يبصر،و لا يحس،و لا يتحرك و لا ينطق و لا يبطش،و لا يدرك و لا يعلم.فبدأ بموته قبل حياته،و بضعفه قبل قوّته،و بجهله قبل علمه،و بعماه قبل بصره،و بصممه قبل سمعه،و ببكمه قبل نطقه،و بضلالته قبل هداه، و بفقره قبل غناه،و بعجزه قبل قدرته،فهذا معنى قوله مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ [2].و معنى قوله هَلْ أَتىٰ عَلَى الْإِنْسٰانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً. إِنّٰا خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشٰاجٍ نَبْتَلِيهِ [3]كذلك خلقه أوّلا.ثم امتنّ عليه فقال ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ [4]و هذا إشارة إلى ما تيسر له في مدة حياته إلى الموت.و كذلك قال مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشٰاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنٰاهُ سَمِيعاً بَصِيراً. إِنّٰا هَدَيْنٰاهُ السَّبِيل َ إِمّٰا شٰاكِراً وَ إِمّٰا كَفُوراً [5]و معناه أنه أحياه بعد أن كان جماداً ميتا،ترابا أولا،و نطفة ثانيا،و أسمعه بعد ما كان أصم،و بصّره بعد ما كان فاقدا للبصر،و قوّاه بعد الضعف،و علمه بعد الجهل،و خلق له الأعضاء بما فيها من العجائب و الآيات بعد الفقد لها،و أغناه بعد الفقر،و أشبعه بعد الجوع و كساه بعد العرى،و هداه بعد الضلال.فانظر كيف دبره و صوره،و إلى السبيل كيف يسره و إلى طغيان الإنسان ما أكفره،و إلى جهل الإنسان كيف أظهره فقال أَ وَ لَمْ يَرَ الْإِنْسٰانُ أَنّٰا خَلَقْنٰاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذٰا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ [6]وَ مِنْ آيٰاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرٰابٍ ثُمَّ إِذٰا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ [7].فانظر إلى نعمة اللّه عليه،كيف نقله من تلك الذلة.و القلة و الخسة،و القذارة،إلى هذه الرفعة و الكرامة،فصار موجودا بعد العدم،و حيا بعد العجز


[1] عبس:من 17 إلى 22

[2] عبس:من 17 إلى 22

[3] الدهر:1،2،3

[4] عبس:من 17 إلى 22

[5] الدهر:1،2،3

[6] يس:77

[7] الروم:20

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست