responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 40

الأرض و ثمارها و رغد عيشها من مشارق الأرض و مغاربها لفعل .و ربما بكيت رحمة له مما أوتي من الجوع،فأمسح بطنه بيدي،و أقول نفسي لك الفداء لو تبلغت من الدنيا بقدر ما يقوتك و يمنعك من الجوع؟فيقول يا عائشة،إخواني من أولى العزم من الرسل قد صبروا على ما هو أشد من هذا،فمضوا على حالهم،و قدموا على ربهم،فأكرم مآبهم ،و أجزل ثوابهم.فأجدنى استحيي إن ترفهت في معيشتى،أن يقصر بي دونهم،فأصبر أياما يسيرة أحب إلى من أن ينقص حظى غدا في الآخرة،و ما من شيء أحب إلى من اللحوق بإخوانى و أخلائى.قالت عائشة رضي اللّه عنها.فو اللّه ما استكمل بعد ذلك جمعة حتى قبضه اللّه عز و جل فما نقل من أحواله صلّى اللّه عليه و سلم يجمع جملة أخلاق المتواضعين.فمن يطلب التواضع فليقتد به.و من رأى نفسه فوقه محله صلّى اللّه عليه و سلم،و لم يرض لنفسه بما رضي هو به فما أشد جهله.فلقد كان أعظم خلق اللّه منصبا في الدنيا و الدين،فلا عز و لا رفعة إلا في الاقتداء به.و لذلك قال عمر رضي اللّه عنه:إنا قوم أعزنا اللّه بالإسلام،فلن نطلب العز في غيره ،لما عوتب في بذاذة هيئته عند دخوله الشام.و قال أبو الدرداء:اعلم أن للّٰه عبادا يقال لهم الأبدال،خلف من الأنبياء،هم أوتاد الأرض.فلما انقضت النبوة.أبدل اللّه مكانهم قوما من أمة محمد صلّى اللّه عليه و سلم،لم يفضلوا الناس بكثرة صوم و لا صلاة و لا حسن حلية،و لكن بصدق الورع،و حسن النية،و سلامة الصدر لجميع المسلمين و النصيحة لهم ابتغاء مرضاة اللّه،بصبر من غير تجبن،و تواضع في غير مذلة.و هم قوم اصطفاهم اللّه و استخلصهم لنفسه،و هم أربعون صديقا،أو ثلاثون رجلا،قلوبهم على مثل يقين إبراهيم خليل الرحمن عليه السّلام.لا يموت الرجل منهم حتى يكون اللّه قد أنشأ من يخلفه و اعلم يا أخي أنهم لا يلعنون شيئا ،و لا يؤذونه،و لا يحقرونه،و لا يتطاولون عليه، و لا يحسدون أحدا،و لا يحرصون على الدنيا،هم أطيب الناس خيرا،و ألينهم عريكة، و أسخاهم نفسا.علامتهم السخاء،و سجيتهم البشاشة،و صفتهم السلامة.ليسوا اليوم في خشية،و غد في غفلة.و لكن مداومين على حالهم الظاهر،و هم فيما بينهم و بين ربهم لا تدركهم الرياح العواصف،و لا الخيل المجراة.قلوبهم تصعد ارتياحا إلى اللّه،و اشتياقا إليه و قدما في استباق الخيرات.أولئك حزب اللّه ألا أن حزب اللّه هم المفلحون.

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست