نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 11 صفحه : 29
و أما الأكياس من العباد،فيقولون ما كان يقوله عطاء السلمي حين كان تهب ريح أو تقع صاعقة:ما يصيب الناس ما يصيبهم إلا بسببي،و لو مات عطاء لتخلصوا.و ما قاله الآخر بعد انصرافه من عرفات:كنت أرجو الرحمة لجميعهم لو لا كونى فيهم.فانظر إلى الفرق بين الرجلين،هذا يتقى اللّه ظاهرا و باطنا،و هو وجل على نفسه،مزدر لعلمه و سعيه،و ذاك ربما يضمر من الرياء،و الكبر،و الحسد،و الغل،ما هو ضحكة للشيطان به،ثم إنه يمتن على اللّه بعمله و من اعتقد جزما أنه فوق أحد من عباد اللّه.فقد أحبط بجهله جميع عمله.فإن الجهل أفحش المعاصي و أعظم شيء يبعد العبد عن اللّه،و حكمه لنفسه بأنه خير من غيره جهل محض،و أمن من مكر اللّه و لا يأمن مكر اللّه إلا القوم الخاسرون.و لذلك روى أن رجلا ذكر بخير للنبي صلّى اللّه عليه و سلم[1] فأقبل ذات يوم،فقالوا يا رسول اللّه هذا الذي ذكرناه لك.فقال«إنّى أرى في وجهه سفعة من الشّيطان»فسلم و وقف على النبي صلّى اللّه عليه و سلم،فقال له النبي صلّى اللّه عليه و سلم«أسألك باللّه حدّثتك نفسك أن ليس في القوم أفضل منك؟»قال اللهم نعم.
فرأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم بنور النبوّة ما استكن في قلبه سفعة في وجهه.و هذه آفة لا ينفك عنها أحد من العباد إلا من عصمه اللّه.لكن
العلماء و العباد في آفة الكبر على ثلاث درجات
الدرجة الأولى:أن يكون الكبر مستقرا في قلبه
،يرى نفسه خيرا من غيره،إلا أنه يجتهد و يتواضع،و يفعل فعل من يرى غيره خيرا من نفسه.و هذا قد رسخ في قلبه شجرة الكبر و لكنه قطع أغصانها بالكلية .
الثانية:أن يظهر ذلك على أفعاله
،بالترفع في المجالس،و التقدم على الأقران،و إظهار الإنكار على من يقصر في حقه .و أدنى ذلك في العالم أن يصعر خده للناس كأنه معرض عنهم و في العابد أن يعبس وجهه،و يقطب جبينه،كأنه متنزه عن الناس،مستقذر لهم،أو غضبان عليهم.و ليس يعلم المسكين أن الورع ليس في الجبهة حتى تقطب،و لا في الوجه حتى يعبس، و لا في الخد حتى يصعر،و لا في الرقبة حتى تطأطأ،و لا في الذيل حتى يضم،إنما الورع في القلوب.
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم[2]«التّقوى هاهنا»و أشار إلى صدره.فقد كان رسول اللّه
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 11 صفحه : 29