responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 28

لصلاحه،أن ينقلهم اللّه إلى درجته في العمل،و ما أجدره إذا ازدراهم بعينه،أن ينقله اللّه إلى حد الإهمال،كما روي أن رجلا في بني إسرائيل كان يقال له خليع بني إسرائيل،لكثرة فساده مرّ برجل آخر يقال له عابد بني إسرائيل.و كان على رأس العابد غمامة تظله فلما مر الخليع به،فقال الخليع في نفسه.أنا خليع بني إسرائيل،و هذا عابد بني إسرائيل.فلو جلست إليه لعل اللّه يرحمني.فجلس إليه.

فقال العابد.أنا عابد بني إسرائيل،و هذا خليع بني إسرائيل،فكيف يجلس إلىّ!فأنف منه، و قال له قم عنى فأوحى اللّه إلى نبي ذلك الزمان،مرهما فليستأنفا العمل،فقد غفرت للخليع ، و أحبطت عمل العابد.و في رواية أخرى،فتحولت الغمامة إلى رأس الخليع .و هذا يعرفك أن اللّه تعالى إنما يريد من العبيد قلوبهم،فالجاهل العاصي إذا تواضع هيبة للّٰه،و ذل خوفا منه،فقد أطاع اللّه بقلبه،فهو أطوع للّٰه من العالم المتكبر،و العابد المعجب.و كذلك روى أن رجلا في بنى إسرائيل،أتى عابدا من بني إسرائيل،[1]فوطئ على رقبته و هو ساجد.فقال ارفع فو اللّه لا يغفر اللّه لك فأوحى اللّه إليه أيها المتألى علىّ،بل أنت لا يغفر اللّه لك.و كذلك قال الحسن.و حتى أن صاحب الصوف أشد كبرا من صاحب المطرز الخز أي أن صاحب الخز يذل لصاحب الصوف،و يرى الفضل له،و صاحب الصوف يرى الفضل لنفسه .و هذه الآفة أيضا فلما ينفك عنها كثير من العباد و هو أنه لو استخف به مستخف،أو آذاه مؤذ،استبعد أن يغفر اللّه له.و لا يشك في أنه صار ممقوتا عند اللّه.و لو آذى مسلما آخر لم يستنكر ذلك الاستنكار.و ذلك لعظم قدر نفسه عنده و هو جهل،و جمع بين الكبر،و العجب،و الاغترار باللّه.و قد ينتهى الحمق و الغباوة ببعضهم إلى أن يتحدى و يقول:سترون ما يجرى عليه.و إذا أصيب بنكبة زعم أن ذلك من كراماته و أن اللّه ما أراد به إلا شفاء غليله،و الانتقام له منه.مع أنه يرى طبقات من الكفار يسبون اللّه و رسوله،و عرف جماعة آذوا الأنبياء صلوات اللّه عليهم،فمنهم من قتلهم،و منهم من ضربهم ثم إن اللّه أمهل أكثرهم و لم يعاقبهم في الدنيا،بل ربما أسلم بعضهم فلم يصبه مكروه في الدنيا و لا في الآخرة.ثم الجاهل المغرور يظن أنه أكرم على اللّه من أنبيائه،و أنه قد انتقم له بما لا ينتقم لأنبيائه به و لعله في مقت اللّه بإعجابه و كبره و هو غافل عن هلاك نفسه فهذه عقيدة المغترين

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 28
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست