responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 23

أحدهما:الكبر،و العز،و العظمة،و العلاء،لا يليق إلا بالملك القادر.فأما العبد المملوك الضعيف ،العاجز ،الذي لا يقدر على شيء،فمن أين يليق بحاله الكبر!فمهما تكبر العبد فقد نازع اللّه تعالى في صفة لا تليق إلا بجلاله.و مثاله أن يأخذ الغلام قلنسوة الملك،فيضعها على رأسه،و يجلس على سريره.فما أعظم استحقاقه للمقت!و ما أعظم تهدفه للخزى و النكال و ما أشد استجراءه على مولاه!و ما أقبح ما تعاطاه.و إلى هذا المعنى الإشارة بقوله تعالى:

العظمة إزاري،و الكبرياء ردائي،فمن نازعنى فيهما قصمته.أي أنه خاص صفتى،و لا يليق إلاّ بي.و المنازع فيه منازع في صفة من صفاتى.و إذا كان الكبر على عباده لا يليق إلا به فمن تكبر على عباده فقد جنى عليه،إذ الذي يسترذل خواص غلمان الملك،و يستخدمهم و يترفع عليهم،و يستأثر بما حق الملك أن يستأثر به منهم،فهو منازع له في بعض أمره، و إن لم تبلغ درجته درجة من أراد الجلوس على سريره،و الاستبداد بملكه.فالخلق كلهم عباد اللّه،و له العظمة و الكبرياء عليهم.فمن تكبر على عبد من عباد اللّه فقد نازع اللّه في حقه.نعم الفرق بين هذه المنازعة و بين منازعة نمروذ و فرعون،ما هو الفرق بين منازعة الملك في استصغار بعض عبيده و استخدامهم،و بين منازعته في أصل الملك الوجه الثاني:الذي تعظم به رذيلة الكبر،إنه يدعو إلى مخالفة اللّه تعالى في أوامره،لأن المتكبر إذا سمع الحق من عبد من عباد اللّه استنكف عن قبوله،و تشمر لجحده .و لذلك ترى المناظرين في مسائل الدين يزعمون أنهم يتباحثون عن أسرار الدين،ثم إنهم يتجاحدون تجاحد المتكبرين،و مهما اتضح الحق على لسان واحد منهم أنف الآخر من قبوله،و تشمر لجحده،و احتال لدفعه بما يقدر عليه من التلبيس .و ذلك من أخلاق الكافرين و المنافقين إذ وصفهم اللّه تعالى فقال وَ قٰالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاٰ تَسْمَعُوا لِهٰذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [1]فكل من يناظر للغلبة و الإفحام لا ليغتنم الحق إذا ظفر به،فقد شاركهم في هذا الخلق و كذلك يحمل ذلك على الأنفة من قبول الوعظ،كما قال اللّه تعالى وَ إِذٰا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّٰهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ [2]و روى عن عمر رضي اللّه عنه أنه قرأها فقال:إنا للّٰه و إنا إليه راجعون قام رجل يأمر بالمعروف فقتل،فقام آخر فقال تقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس


[1] فصلت:26

[2] البقرة:206

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست