responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 210

من ربع المهلكات .فإن قلت:فما قولك في تائبين،أحدهما نسى الذنب و لم يشتغل بالتفكر فيه، و الآخر جعله نصب عينه و لا يزال يتفكر فيه و يحترق ندما عليه،فأيهما أفضل؟ فاعلم أن هذا أيضا قد اختلفوا فيه.فقال بعضهم:حقيقة التوبة أن تنصب ذنبك بين عينيك و قال آخر :حقيقة التوبة أن تنسى ذنبك .و كل واحد من المذهبين عندنا حق،و لكن بالإضافة إلى حالين.و كلام المتصوفة أبدا يكون قاصرا،فإن عادة كل واحد منهم أن يخبر عن حال نفسه فقط،و لا يهمه حال غيره،فتختلف الأجوبة لاختلاف الأحوال و هذا نقصان بالإضافة إلى الهمة و الإرادة و الجد،حيث يكون صاحبه مقصور النظر على حال نفسه،لا يهمه أمر غيره.إذ طريقه إلى اللّه نفسه،و منازله أحواله.و قد يكون طريق العبد إلى اللّه العلم.فالطرق إلى اللّه تعالى كثيرة و إن كانت مختلفة في القرب و البعد،و اللّه أعلم بمن هو أهدى سبيلا،مع الاشتراك في أصل الهداية .فأقول:تصوّر الذنب و ذكره و التفجع عليه،كمال في حق المبتدئ.لأنه إذا نسيه لم يكثر احتراقه،فلا تقوى إرادته و انبعاثه لسلوك الطريق و لأن ذلك يستخرج منه الحزن و الخوف الوازع عن الرجوع إلى مثله.فهو بالإضافة إلى سالك الطريق نقصان .فإنه شغل مانع عن سلوك الطريق.بل سالك الطريق ينبغي أن لا يعرج على غير السلوك .فإن ظهر له مبادى الوصول، و انكشفت له أنوار المعرفة و لوامع الغيب،استغرقه ذلك،و لم يبق فيه متسع للالتفات إلى ما سبق من أحواله،و هو الكمال،بل لو عاق المسافر عن الطريق إلى بلد من البلاد نهر حاجز،طال تعب المسافر في عبوره مدة،من حيث إنه كان قد خرب جسره من قبل فلو جلس على شاطئ النهر بعد عبوره،يبكى متأسفا على تخريبه الجسر،كان هذا مانعا آخر اشتغل به بعد الفراغ من ذلك المانع.نعم إن لم يكن الوقت وقت الرحيل،بأن كان ليلا فتعذر السلوك،أو كان على طريق أنهار و هو يخاف على نفسه أن يمر بها،فليطل بالليل بكاؤه و حزنه على تخريب الجسر،ليتأكد بطول الحزن عزمه على أن لا يعود إلى مثله.فإن حصل له من التنبيه ما وثق بنفسه أنه لا يعود إلى مثله، فسلوك الطريق أولى به من الاشتغال بذكر تخريب الجسر و البكاء عليه.و هذا لا يعرفه إلا من عرف الطريق،و المقصد،و العائق،و طريق السلوك و قد أشرنا إلى تلويحات منه في كتاب العلم،و في ربع المهلكات .بل نقول شرط دوام التوبة أن يكون كثير الفكر في النعيم في الآخرة لتزيد رغبته.و لكن إن كان شابا،فلا ينبغي أن يطيل فكره في كل ماله نظير في الدنيا كالحور و القصور.فإن ذلك الفكر ربما يحرك رغبته،فيطلب العاجلة و لا يرضى بالآجلة.بل ينبغي أن

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 210
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست