responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 211

يتفكر في لذة النظر إلى وجه اللّه تعالى فقط.فذلك لا نظير له في الدنيا فكذلك تذكر الذنب قد يكون محركا للشهوة.فالمبتدى أيضا قد يستضر به.فيكون النسيان أفضل له عند ذلك و لا يصدنك عن التصديق بهذا التحقيق ما يحكى لك من بكاء داود و نياحته عليه السّلام فإن قياسك نفسك على الأنبياء قياس في غاية الاعوجاج،لأنهم قد ينزلون في أقوالهم و أفعالهم إلى الدرجات اللائقة بأممهم،فإنهم ما بعثوا إلا لإرشادهم ،فعليهم التلبس بما تنتفع أممهم بمشاهدته،و إن كان ذلك نازلا عن ذروة مقامهم.فلقد كان في الشيوخ من لا يشير على مريده بنوع رياضة إلا و يخوض معه فيها،و قد كان مستغنيا عنها لفراغه عن المجاهدة و تأديب النفس تسهيلا للأمر على المريد.و لذلك قال صلّى اللّه عليه و سلم[1]«أما إنّى لا أنسى و لكنّى أنسى لأشرع» و في لفظ«إنّما أسهو لأسنّ».و لا تعجب من هذا،فإن الأمم في كنف شفقة الأنبياء كالصبيان في كنف شفقة الآباء،و كالمواشي في كنف الرعاة.أما ترى الأب إذا أراد أن يستنطق ولده الصبي،كيف ينزل إلى درجة نطق الصبي،كما قال صلّى اللّه عليه و سلم[2]للحسن«كخ كخ» لما أخذ تمرة من تمر الصدقة و وضعها في فيه.و ما كانت فصاحته تقصر عن أن يقول:ارم هذه التمرة فإنها حرام.و لكنه لما علم أنه لا يفهم منطقه،ترك الفصاحة و نزل إلى لكنته .بل الذي يعلّم شاة أو طائرا،يصوت به رغاء أو صفيرا تشبها بالبهيمة و الطائر،تلطفا في تعليمه .فإياك أن تغفل عن أمثال هذه الدقائق،فإنها مزلة أقدام العارفين فضلا عن الغافلين،نسأل اللّه حسن التوفيق بلطفه و كرمه

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست