responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 208

هذا أنه لا يمكن أن يتوب عن شيء و لا يتوب عن مثله بل لا بد و أن يكون ما تاب عنه مخالفا لما بقي عليه.إما في شدة المعصية و أما في غلبة الشهوة و إذا حصل هذا التفاوت في اعتقاد التائب،تصور اختلاف حاله في الخوف و الندم،فيتصور اختلاف حاله في الترك.فندمه على ذلك الذنب،و وفاؤه بعزمه على الترك،يلحقه بمن لم يذنب،و إن لم يكن قد أطاع اللّه في جميع الأوامر و النواهي.فإن قلت هل تصح توبة العنين من الزنا الذي قارفه قبل طريان العنة؟فأقول لا.لأن التوبة عبارة عن ندم يبعث العزم على الترك فيما يقدر على فعله .و ما لا يقدر على فعله فقد انعدم بنفسه لا بتركه إياه.و لكني أقول لو طرأ عليه بعد العنة كشف و معرفة تحقق به ضرر الزنا الذي قارفه،و ثار منه احتراق،و تحسر و ندم بحيث لو كانت شهوة الوقاع به باقية لكانت حرقة الندم تقمع تلك الشهوة و تغلبها،فإن أرجو أن يكون ذلك مكفرا لذنبه،و ماحيا عنه سيئته إذ لا خلاف في أنه لو تاب قبل طريان العنة،و مات عقيب التوبة،كان من التائبين و إن لم يطرأ عليه حالة تهيج فيها الشهوة،و تتيسر أسباب قضاء الشهوة و لكنه تائب باعتبار أن ندمه بلغا مبلغا أوجب صرف قصده عن الزنا لو ظهر قصده.فإذا لا يستحيل أن تبلغ قوة الندم في حق العنين هذا المبلغ،إلا أنه لا يعرفه من نفسه.فإن كل من لا يشتهي شيئا يقدر نفسه قادرا على تركه بأدنى خوف.و اللّه تعالى مطلع على ضميره و على مقدار ندمه،فعساه يقبله منه.بل الظاهر أنه يقبله.و الحقيقة في هذا كله ترجع إلى أن ظلمة المعصية تنمحى عن القلب بشيئين:أحدهما حرقة الندم،و الآخر شدة المجاهدة بالترك في المستقبل و قد امتنعت المجاهدة بزوال الشهوة و لكن ليس محالا أن يقوى الندم بحيث يقوى على محوها دون المجاهدة.و لو لا هذا لقلنا إن التوبة لا تقبل ما لم يعش التائب بعد التوبة مدة،يجاهد نفسه في عين تلك الشهوة مرات كثيرة.

و ذلك مما لا يدل ظاهر الشرع على اشتراطه أصلا.فإن قلت:إذا فرضنا تائبين،أحدهما سكنت نفسه عن النزوع إلى الذنب ،و الآخر بقي في نفسه نزوع إليه و هو يجاهدها و يمنعها.فأيهما أفضل؟ فاعلم أن هذا مما اختلف العلماء فيه.فقال أحمد بن أبي الحواري و أصحاب أبي سليمان الداراني:إن المجاهد أفضل،لأن له مع التوبة فضل الجهاد.و قال علماء البصرة:ذلك الآخر أفضل،لأنه لو فتر في توبته كان أقرب إلى السلامة من المجاهد الذي هو في عرضة الفتور عن المجاهدة و ما قاله كل واحد من الفريقين لا يخلو عن حق و عن قصور عن كمال الحقيقة.و الحق فيه

أن الذي انقطع نزوع نفسه له حالتان

إحداهما:أن يكون انقطاع نزوعه إليها بفتور

في نفس الشهوة فقط،فالمجاهد أفضل من هذا.

إذ تركه بالمجاهدة قد دل على قوة نفسه،و استيلاء دينه على شهوته،فهو دليل قاطع على قوة اليقين،

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست