responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 207

كالذي يتوب عن الغيبة،أو عن النظر إلى غير المحرم،أو ما يجرى مجراه ،و هو مصر على شرب الخمر فهو أيضا ممكن و وجه إمكانه أنه ما من مؤمن إلا و هو خائف من معاصيه،و نادم على فعله ندما إما ضعيفا و إما قويا،و لكن تكون لذة نفسه في تلك المعصية أقوى من ألم قلبه في الخوف منها، لأسباب توجب ضعف الخوف من الجهل و الغفلة،و أسباب توجب قوة الشهوة ،فيكون الندم موجودا،و لكن لا يكون مليا بتحريك العزم،و لا قويا عليه.فإن سلم عن شهوة أقوى منه، بأن لم يعارضه إلا ما هو أضعف،قهر الخوف الشهوة و غلبها،و أوجب ذلك ترك المعصية.و قد تشتد ضراوة الفاسق بالخمر،فلا يقدر على الصبر عنه،و تكون له ضراوة ما بالغيبة،و ثلب الناس، و النظر إلى غير المحرم،و خوفه من اللّه قد بلغ مبلغا يقمع هذه الشهوة الضعيفة دون القوية.فيوجب عليه جند الخوف انبعاث العزم للترك،بل يقول هذا الفاسق في نفسه.إن قهرني الشيطان بواسطة غلبة الشهوة في بعض المعاصي،فلا ينبغي أن أخلع العذار و أرخى العنان بالكلية،بل أجاهده في بعض المعاصي،فعسانى أغلبه،فيكون قهرى له في البعض كفارة لبعض ذنوبي.و لو لم يتصور هذا لما تصور من الفاسق أن يصلّى و يصوم،و لقيل له إن كانت صلاتك لغير اللّه فلا تصح ،و إن كانت للّٰه فاترك الفسق للّٰه،فإن أمر اللّه فيه واحد ،فلا يتصور أن تقصد بصلاتك التقرب إلى اللّه تعالى،ما لم تتقرب بترك الفسق و هذا محال بأن يقول للّٰه تعالى علىّ أمران،و لي على المخالفة فيها عقوبتان.و أنا ملى في أحدهما بقهر الشيطان،عاجز عنه في الآخر،فأنا أقهره فيما أقدر عليه،و أرجو بمجاهدتي فيه أن يكفر عنى بعض ما عجزت عنه بفرط شهوتي.فكيف لا يتصور هذا،و هو حال كل مسلم؟ إذ لا مسلم إلا و هو جامع بين طاعة اللّه و معصيته،و لا سبب له إلا هذا.و إذا فهم هذا فهم أن غلبة الخوف للشهوة في بعض الذنوب ممكن وجودها.و الخوف إذا كان من فعل ماض أورث الندم،و الندم يورث العزم.و قد قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم«النّدم توبة»و لم يشترط الندم على كل ذنب.و قال«التّائب من الذّنب كمن لا ذنب له»و لم يقل التائب من الذنوب كلها و بهذه المعاني تبين سقوط قول القائل:إن التوبة عن بعض الذنوب غير ممكنة،لأنها متماثلة في حق الشهوة،و في حق التعرض إلى سخط اللّه تعالى،نعم يجوز أن يتوب عن شرب الخمر دون النبيذ،لتفاوتهما في اقتضاء السخط .و يتوب عن الكثير دون القليل،لأن لكثرة الذنوب تأثيرا في كثرة العقوبة،فيساعد الشهوة بالقدر الذي يعجز عنه،و يترك بعض شهوته للّٰه تعالى كالمريض الذي حذره الطبيب الفاكهة،فإنه قد يتناول قلبها،و لكن لا يستكثر منها.فقد حصل من

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست