responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 206

يكون على بعض المعاصي دون البعض،و لو جاز هذا لجاز أن يتوب من شرب الخمر من أحد الدنين دون الآخر،فإن استحال ذلك من حيث إن المعصية في الخمرين واحد،و إنما الدنان ظروف فكذلك أعيان المعاصي آلات للمعصية،و المعصية من حيث مخالفة الأمر واحدة،فإذا معنى عدم الصحة أن اللّه تعالى وعد التائبين رتبة،و تلك الرتبة لا تنال إلا بالندم،و لا يتصوّر الندم على بعض المتماثلات فهو كالملك المرتب على الإيجاب و القبول فإنه إذا لم يتم الإيجاب و القبول نقول إن العقد لا يصح، لم تترتب عليه الثمرة و هو أي الملك.و تحقيق هذا أن ثمرة مجرد الترك أن ينقطع عنه عقاب ما تركه، و ثمرة الندم تكفير ما سبق فترك السرقة لا يكفر السرقة،بل الندم عليها.و لا يتصوّر الندم إلا لكونها معصية و ذلك يعم جميع المعاصي و هو كلام مفهوم واقع،يستنطق المنصف بتفصيل به ينكشف الغطاء فنقول التوبة عن بعض الذنوب لا تخلو إما أن تكون عن الكبائر دون الصغائر،أو عن الصغائر دون الكبائر أو عن كبيرة دون كبيرة.أما التوبة عن الكبائر دون الصغائر،فأمر ممكن.لأنه يعلم أن الكبائر أعظم عند اللّه،و أجلب لسخط اللّه و مقته.و الصغائر أقرب إلى تطرق العفو إليها فلا يستحيل أن يتوب عن الأعظم و يتندم عليه.كالذي يجنى على أهل الملك و حرمه،و يجنى على دابته فيكون خائفا من الجناية على الأهل،مستحقرا للجناية على الدابة و الندم بحسب استعظام الذنب و اعتقاد كونه مبعدا عن اللّه تعالى و هذا ممكن وجوده في الشرع.فقد كثر التائبون في الأعصار الخالية ،و لم يكن أحد منهم معصوما.فلا تستدعى التوبة العصمة.و الطبيب قد يحذر المريض العسل تحذيرا شديدا،و يحذره السكر تحذيرا أخف منه،على وجه يشعر معه أنه ربما لا يظهر ضرر السكر أصلا،فيتوب المريض بقوله عن العسل دون السكر.فهذا غير محال وجوده و إن أكلهما جميعا بحكم شهوته،ندم على أكل العسل دون السكر.الثاني:أن يتوب عن بعض الكبائر دون بعض و هذا أيضا ممكن.لاعتقاده أن بعض الكبائر أشد و أغلظ عند اللّه.كالذي يتوب عن القتل،و النهب،و الظلم و مظالم العباد،لعلمه أن ديوان العباد لا يترك،و ما بينه و بين اللّه يتسارع العفو إليه.فهذا أيضا ممكن،كما في تفاوت الكبائر و الصغائر.لأن الكبائر أيضا متفاوتة في أنفسها و في اعتقاد مرتكبها.و لذلك قد يتوب عن بعض الكبائر التي لا تتعلق بالعباد،كما يتوب عن شرب الخمر دون الزنا مثلا،إذ يتضح له أن الخمر مفتاح الشرور،و أنه إذا زال عقله ارتكب جميع المعاصي و هو لا يدرى،فبحسب ترجح شرب الخمر عنده ينبعث منه خوف،يوجب ذلك تركا في المستقبل و ندما على الماضي.الثالث:أن يتوب عن صغيرة أو صغائر،و هو مصر على كبيرة يعلم أنها كبيرة

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست