responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 205

فبهذا تعرف أنه لا خلاص إلا برجحان ميزان الحسنات و لو بمثقال ذرة.فلا بد للتائب من تكثير الحسنات،هذا حكم القصد المتعلق بالماضي

و أما العزم المرتبط بالاستقبال

،فهو أن يعقد مع اللّه عقدا مؤكدا،و يعاهده بعهد وثيق،أن لا يعود إلى تلك الذنوب،و لا إلى أمثالها.كالذي يعلم في مرضه أن الفاكهة تضره مثلا،فيعزم عزما جزما أنه لا يتناول الفاكهة ما لم يزل مرضه.فإن هذا العزم يتأكد في الحال،و إن كان يتصور أن تغلبه الشهوة في ثاني الحال و لكن لا يكون تائبا ما لم يتأكد عزمه في الحال.و لا يتصور أن يتم ذلك للتائب في أول أمره إلا بالعزلة،و الصمت و قلة الأكل و النوم،و إحراز قوت حلال.فإن كان له مال موروث حلال،أو كانت له حرفة يكتسب بها قدر الكفاية،فليقتصر عليه.فإن رأس المعاصي أكل الحرام فكيف يكون تائبا مع الإصرار عليه !.و لا يكتفى بالحلال و ترك الشبهات من لا يقدر على ترك الشهوات في المأكولات و الملبوسات و قد قال بعضهم:من صدق في ترك شهوة و جاهد نفسه للّٰه سبع مرار لم يبتل بها و قال آخر:من تاب من ذنب و استقام سبع سنين لم يعد إليه أبدا و من مهمات التائب إذا لم يكن عالما،أن يتعلم ما يجب عليه في المستقبل.و ما يحرم عليه،حتى يمكنه الاستقامة.و إن لم يؤثر العزلة لم تتم له الاستقامة المطلقة،إلا أن يتوب عن بعض الذنوب، كالذي يتوب عن الشرب و الزنا و الغضب مثلا،و ليست هذه توبة مطلقة.و قد قال بعض الناس إن هذه التوبة لا تصح.و قال قائلون:تصح.و لفظ الصحة في هذا المقام مجمل بل نقول لمن قال لا تصح إن عنيت به أن تركه بعض الذنوب لا يفيد أصلا،بل وجوده كعدمه،فما أعظم خطأك.فإنا نعلم أن كثرة الذنوب سبب لكثرة العقاب،و قلتها سبب لقلته.و نقول لمن قال تصح ،إن أردت به أن التوبة عن بعض الذنوب توجب قبولا يوصل إلى النجاة أو الفوز،فهذا أيضا خطأ.بل النجاة و الفوز بترك الجميع هذا حكم الظاهر .و لسنا نتكلم في خفايا أسرار عفو اللّه فإن قال من ذهب إلى أنها لا تصح.إنى أردت به أن التوبة عبارة عن الندم.و إنما يندم على السرقة مثلا لكونها معصية،لا لكونها سرقة.و يستحيل أن يندم عليها دون الزنا إن كان توجعه لأجل المعصية،فإن العلة شاملة لهما،إذ من يتوجع على قتل ولده بالسيف يتوجع على قتله بالسكين،لأن توجعه بفوات محبوبه سواء كان بالسيف أو بالسكين،فكذلك توجع العبد بفوات محبوبه،و ذلك بالمعصية سواء عصى بالسرقة أو الزنا،فكيف يتوجع على البعض دون البعض، فالندم حالة يوجبها العلم بكون المعصية مفوتة للمحبوب من حيث إنها معصية.فلا يتصوّر أن

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست