responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 196

قال بعض العارفين.لا صغيرة،بل كل مخالفة فهي كبيرة .و كذلك قال بعض الصحابة رضى اللّه عنهم للتابعين.و إنكم لتعملون أعمالا هي في أعينكم أدق من الشعر،كنا نعدها على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم من الموبقات.إذ كانت معرفة الصحابة بجلال اللّه أتم، فكانت الصغائر عندهم بالإضافة إلى جلال اللّه تعالى من الكبائر.و بهذا السبب يعظم من العالم ما لا يعظم من الجاهل،و يتجاوز عن العامي في أمور لا يتجاوز في أمثالها عن العارف لأن الذنب و المخالفة يكبر بقدر معرفة المخالف.

و منها السرور بالصغيرة،و الفرح و التبجح بها

،و اعتداد التمكن من ذلك نعمة، و الغفلة عن كونه سبب الشقاوة.فكلما غلبت حلاوة الصغيرة عند العبد كبرت الصغيرة و عظم أثرها في تسويد قلبه.حتى أن من المذنبين من يتمدح بذنبه و يتبجح به،لشدة فرحه بمقارفته إياه.كما يقول.أما رأيتني كيف مزقت عرضه ؟و يقول المناظر في مناظرته أما رأيتني كيف فضحته ؟و كيف ذكرت مساويه حتى أخجلته؟و كيف استخففت به؟ و كيف لبست عليه؟و يقول المعامل في التجارة:أما رأيت كيف روجت عليه الزائف؟ و كيف خدعته؟و كيف غبنته في ماله؟و كيف استحمقته؟فهذا و أمثاله تكبر به الصغائر، فإن الذنوب مهلكات،و إذا دفع العبد إليها،و ظفر الشيطان به في الحمل عليها،فينبغي أن يكون في مصيبة و تأسف بسبب غلبة العدو عليه،و بسبب بعده من اللّه تعالى.فالمريض الذي يفرح بأن ينكسر إناؤه الذي فيه دواؤه،حتى يتخلص من ألم شربه،لا يرجى شفاؤه

و منها أن يتهاون بستر اللّه عليه،و حلمه عنه

،و إمهاله إياه،و لا يدرى أنه إنما يمهل مقتا ليزداد بالإمهال إثما.فيظن أن تمكنه من المعاصي عناية من اللّه تعالى به.فيكون ذلك لأمنه من مكر اللّه،و جهله بمكامن الغرور باللّه،كما قال تعالى وَ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لاٰ يُعَذِّبُنَا اللّٰهُ بِمٰا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهٰا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ [1]

و منها أن يأتي الذنب و يظهره

،بأن يذكره بعد إتيانه.أو يأتيه في مشهد غيره .فإن ذلك جناية منه على ستر اللّه الذي سدله عليه،و تحريك لرغبة الشر فيمن أسمعه ذنبه،أو أشهده


[1] المجادلة:8

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست