responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 195

بيان
ما تعظم به الصغائر من الذنوب

اعلم أن الصغيرة تكبر بأسباب:منها الإصرار و المواظبة .

و لذلك قيل لا صغيرة مع إصرار، و لا كبيرة مع استغفار.فكبيرة واحدة تنصرم و لا يتبعها مثلها لو تصور ذلك،كان العفو عنها أرجى من صغيرة يواظب العبد عليها.و مثال ذلك قطرات من الماء تقع على الحجر على توال فتؤثر فيه،و ذلك القدر من الماء لو صب عليه دفعة واحدة لم يؤثر.و لذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم[1]«خير الأعمال أدومها و إن قلّ»و الأشياء تستبان بأضدادها.و إن كان النافع من العمل هو الدائم و إن قل،فالكثير المنصرم قليل النفع في تنوير القلب و تطهيره،فكذلك القليل من السيئات إذا دام عظم تأثيره في إظلام القلب إلا أن الكبيرة قلما يتصوّر الهجوم عليها بغتة من غير سوابق و لواحق من جملة الصغائر فقلما يزني الزاني بغتة من غير مراودة و مقدمات.و قلما يقتل بغتة من غير مشاحنة سابقة و معاداة.فكل كبيرة تكتنفها صغائر سابقة و لاحقة.و لو تصورت كبيرة وحدها بغتة، و لم يتفق إليها عود،ربما كان العفو فيها أرجى من صغيرة واظب الإنسان عليها عمره

و منها أن يستصغر الذنب.

فإن الذنب كلما استعظمه العبد من نفسه صغر عند اللّه تعالى و كلما استصغره كبر عند اللّه تعالى لأن استعظامه يصدر عن نفور القلب عنه،و كراهيته له.و ذلك النفور يمنع من شدة تأثره به و استصغاره يصدر عن الإلف به ،و ذلك يوجب شدة الأثر في القلب و القلب هو المطلوب تنويره بالطاعات،و المحذور تسويده بالسيئات.و لذلك لا يؤاخذ بما يجرى عليه في الغفلة،فإن القلب لا يتأثر بما يجرى في الغفلة.و قد جاء في الخبر [2]«المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه يخاف أن يقع عليه و المنافق يرى ذنبه كذباب مرّ على أنفه فأطاره» و قال بعضهم:الذنب الذي لا يغفر،قول العبد ليت كل ذنب عملته مثل هذا.و إنما يعظم الذنب في قلب المؤمن لعلمه بجلال اللّه.فإذا نظر إلى عظم من عصى به،رأى الصغيرة كبيرة.و قد أوحى اللّه تعالى إلى بعض أنبيائه.لا تنظر إلى قلة الهدية،و انظر إلى عظم مهديها.و لا تنظر إلى صغر الخطيئة،و انظر إلى كبرياء من واجهته بها .و بهذا الاعتبار

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست