responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 194

المقلد و إن كان له فوز على الجملة بمقام في الجنة،فهو من أصحاب اليمين.و هؤلاء هم المقربون.و ما يلقى هؤلاء يجاوز حد البيان.و القدر الممكن ذكره ما فصله القرءان،فليس بعد بيان اللّه بيان و الذي لا يمكن التعبير عنه في هذا العالم.فهو الذي أجمله قوله تعالى فَلاٰ تَعْلَمُ نَفْسٌ مٰا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [1]و قوله عز و جل:أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت،و لا أذن سمعت،و لا خطر على قلب بشر .و العارفون مطلبهم تلك الحالة التي لا يتصور أن تخطر على قلب بشر في هذا العالم.و أما الحور،و القصور،و الفاكهة و اللبن،و العسل و الخمر،و الحلي و الأساور ،فإنهم لا يحرصون عليها،و لو أعطوها لم يقنعوا بها .و لا يطلبون إلا لذة النظر إلى وجه اللّه تعالى الكريم،فهي غاية السعادات،و نهاية اللذات و لذلك قيل لرابعة العدوية رحمة اللّه عليها:كيف رغبتك في الجنة؟فقالت الجار ثم الدار.فهؤلاء قوم شغلهم حب رب الدار عن الدار و زينتها،بل عن كل شيء سواه،حتى عن أنفسهم.و مثالهم مثال العاشق المستهتر بمعشوقه،المستوفي همه بالنظر إلى وجهه و الفكر فيه،فإنه في حال الاستغراق غافل عن نفسه،لا يحس بما يصيبه في بدنه،و يعبر عن هذه الحالة بأنه فنى عن نفسه.و معناه أنه صار مستغرقا بغيره،و صارت همومه هما واحدا و هو محبوبه،و لم يبق فيه متسع لغير محبوبه حتى يلتفت إليه،لا نفسه و لا غير نفسه.و هذه الحالة هي التي توصل في الآخرة إلى قرة عين لا يتصور أن تخطر في هذا العالم على قلب بشر،كما لا يتصور أن تخطر صورة الألوان و الألحان على قلب الأصم و الأكمه،إلا أن يرفع الحجاب عن سمعه و بصره فعند ذلك يدرك حاله،و يعلم قطعا أنه لم يتصور أن تخطر بباله قبل ذلك صورته،فالدنيا حجاب على التحقيق،و برفعه ينكشف الغطاء،فعند ذلك يدرك ذوق الحياة الطيبة، و أن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون فهذا القدر كاف في بيان توزع الدرجات على الحسنات،و اللّه الموفق بلطفه


[1] السجدة:17

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست