responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 192

لهما أسباب خفية،ليس في قوّة البشر الاطلاع عليها.يعبر عن ذلك السبب الخفي المفضى إلى النجاة بالعفو و الرضا،و عما يفضي إلى الهلاك بالغضب و الانتقام.و وراء ذلك سر المشيئة الإلهية الأزلية،التي لا يطلع الخلق عليها.فلذلك يجب علينا أن نجوّز العفو عن العاصي و إن كثرت سيئاته الظاهرة،و الغضب على المطيع و إن كثرت طاعاته الظاهرة.فإن الاعتماد على التقوى،و التقوى في القلب،و هو أغمض من أن يطلع عليه صاحبه،فكيف غيره!و لكن قد انكشف لأرباب القلوب أنه لا عفو عن عبد إلا بسبب خفى فيه يقتضي العفو،و لا غضب إلا بسبب باطن يقتضي البعد عن اللّه تعالى.و لو لا ذلك لم يكن العفو و الغضب جزاء على الأعمال و الأوصاف،و لو لم يكن جزاء لم يكن عدلا،و لو لم يكن عدلا لم يصح قوله تعالى وَ مٰا رَبُّكَ بِظَلاّٰمٍ لِلْعَبِيدِ [1]و لا قوله تعالى إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يَظْلِمُ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ [2]و كل ذلك صحيح،فليس للإنسان إلا ما سعى و سعيه هو الذي يرى.

و كل نفس بما كسبت رهينة.فلما زاغوا أزاغ اللّه قلوبهم.و لما غيروا ما بأنفسهم غير اللّه ما بهم،تحقيقا لقوله تعالى إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يُغَيِّرُ مٰا بِقَوْمٍ حَتّٰى يُغَيِّرُوا مٰا بِأَنْفُسِهِمْ [3]و هذا كله قد انكشف لأرباب القلوب انكشافا أوضح من المشاهدة بالبصر إذ البصر يمكن الغلط فيه،إذ قد يرى البعيد قريبا،و الكبير صغيرا .و مشاهدة القلب لا يمكن الغلط فيها،و إنما الشأن في انفتاح بصيرة القلب،و إلا فما يرى بها بعد الانفتاح فلا يتصوّر فيه الكذب،و إليه الإشارة بقوله تعالى مٰا كَذَبَ الْفُؤٰادُ مٰا رَأىٰ [4]

الرتبة الثالثة:رتبة الناجين.

و أعنى بالنجاة السلامة فقط،دون السعادة و الفوز.و هم قوم لم يخدموا فيخلع عليهم،و لم يقصروا فيعذبوا.و يشبه أن يكون هذا حال المجانين و الصبيان من الكفار،و المعتوهين،و الذين لم تبلغهم الدعوة في أطراف البلاد ،و عاشوا على البله و عدم المعرفة،فلم يكن لهم معرفة،و لا جحود،و لا طاعة،و لا معصية،فلا وسيلة تقربهم،و لا جناية تبعدهم،فما هم من أهل الجنة و لا من أهل النار،بل ينزلون في منزلة بين المنزلتين،


[1] فصلت:46

[2] النساء:40

[3] الرعد:11

[4] النجم:11

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست