responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 191

مسبب الأسباب كما سيأتي تحقيقه في التوكل.و هذا التوحيد متفاوت.فمن الناس من له من التوحيد مثل الجبال،و منهم من له مثقال،و منهم من له مقدار خردلة و ذرة.فمن في قلبه مثقال دينار من إيمان،فهو أول من يخرج من النار.و في الخبر يقال[1]«أخرجوا من النّار من في قلبه مثقال دينار من إيمان»و آخر من يخرج من في قلبه مثقال ذرة من إيمان.و ما بين المثقال و الذرة على قدر تفاوت درجاتهم يخرجون بين طبقة المثقال و بين طبقة الذرة .و الموازنة بالمثقال و الذرة على سبيل ضرب المثل،كما ذكرنا في الموازنة بين أعيان الأموال و بين النقود.و أكثر ما يدخل الموحدين النار مظالم العباد .فديوان العباد هو الديوان الذي لا يترك.فأما بقية السيئات فيتسارع العفو و التكفير إليها.ففي الأثر أن العبد ليوقف بين يدي اللّه تعالى،و له من الحسنات أمثال الجبال،لو سلمت له لكان من أهل الجنة،فيقوم أصحاب المظالم،فيكون قد سب عرض هذا،و أخذ مال هذا،و ضرب هذا فيقضى من حسناته حتى لا تبقى له حسنة،فتقول الملائكة:يا ربنا هذا قد فنيت حسناته، و بقي طالبون كثير.فيقول اللّه تعالى:ألقوا من سيئاتهم على سيئاته،و صكوا له صكا إلى النار و كما يهلك هو بسيئة غيره بطريق القصاص،فكذلك ينجو المظلوم بحسنة الظالم، إذ ينقل إليه عوضا عما ظلم به .و قد حكى عن ابن الجلاء ،أن بعض إخوانه اغتابه،ثم أرسل إليه يستحله،فقال:لا أفعل،ليس في صحيفتي حسنة أفضل منها،فكيف أمحوها؟و قال هو و غيره:ذنوب إخواني من حسناتي،أريد أن أزين بها صحيفتي فهذا ما أردنا أن نذكره من اختلاف العباد في المعاد في درجات السعادة و الشقاوة و كل ذلك حكم بظاهر أسباب،يضاهي حكم الطبيب على مريض بأنه يموت لا محالة و لا يقبل العلاج،و على مريض آخر بأن عارضة خفيف و علاجه هين.فإن ذلك ظن يصيب في أكثر الأحوال.و لكن قد تتوق إلى المشرف على الهلاك نفسه من حيث لا يشعر الطبيب،و قد يساق إلى ذي العارض الخفيف أجله من حيث لا يطلع عليه.و ذلك من أسرار اللّه تعالى الخفية في أرواح الأحياء،و غموض الأسباب التي رتبها مسبب الأسباب بقدر معلوم.إذ ليس في قوة البشر الوقوف على كنهها ،فكذلك النجاة و الفوز في الآخرة

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست