responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 185

الرتبة الثانية:رتبة المعذبين.

و هذه رتبة من تحلى بأصل الإيمان،و لكن قصر في الوفاء بمقتضاه فإن رأس الإيمان هو التوحيد ،و هو أن لا يعبد إلا اللّه.و من اتبع هواه فقد اتخذ إلهه هواه ،فهو موحد بلسانه لا بالحقيقة.بل معنى قولك لا إله إلا اللّه،معنى قوله تعالى قُلِ اللّٰهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [1]و هو أن تذر بالكلية غير اللّه،و معنى قوله تعالى اَلَّذِينَ قٰالُوا رَبُّنَا اللّٰهُ ثُمَّ اسْتَقٰامُوا [2]و لما كان الصراط المستقيم الذي لا يكمل التوحيد إلا بالاستقامة عليه أدق من الشعر،و أحد من السيف،مثل الصراط الموصوف في الآخرة،فلا ينفك بشر عن ميل عن الاستقامة و لو في أمر يسير،إذ لا يخلو عن اتباع الهوى و لو في فعل قليل،و ذلك قادح في كمال التوحيد،بقدر ميله عن الصراط المستقيم.

فذلك يقتضي لا محالة نقصانا في درجات القرب.و مع كل نقصان ناران:نار الفراق لذلك الكمال الفائت بالنقصان،و نار جهنم كما وصفها القرءان.فيكون كل مائل عن الصراط المستقيم معذبا مرتين من وجهين،و لكن شدة ذلك العذاب و خفته،و تفاوته بحسب طول المدة،إنما يكون بسبب أمرين:أحدهما قوة الإيمان و ضعفه،و الثاني كثرة اتباع الهوى و قلته و إذ لا يخلو بشر في غالب الأمر عن واحد من الأمرين،قال اللّه تعالى وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّٰ وٰارِدُهٰا كٰانَ عَلىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ نَذَرُ الظّٰالِمِينَ فِيهٰا جِثِيًّا [3]و لذلك قال الخائفون من السلف.إنما خوفنا لأنا تيقنا أنا على النار واردون،و شككنا في النجاة، و لما روى الحسن الخبر الوارد[1]فيمن يخرج من النار بعد ألف عام،و أنه ينادى يا حنان يا منان قال الحسن:يا ليتني كنت ذلك الرجل و اعلم أن في الأخبار ما يدل على أن آخر من يخرج من النار بعد سبعة آلاف سنة ،و أن الاختلاف في المدة بين اللحظة و بين سبعة آلاف سنة،حتى قد يجوز بعضهم على النار كبرق خاطف،و لا يكون له فيها لبث .و بين اللحظة و بين سبعة آلاف سنة درجات متفاوتة،من اليوم،و الأسبوع،و الشهر،و سائر المدد.و إن الاختلاف بالشدة لا نهاية


[1] الأنعام:91

[2] فصلت:30

[3] مريم:71،72

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست