responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 184

و هذا كله لفقد المعنى الذي بوجوده يصير الجاه محبوبا،و وجود المعنى الذي بوجوده يصير الطعام لذيذا.و ذلك لمن استرقته صفات البهائم و السباع،و لم تظهر فيه صفات الملائكة التي لا يناسبها و لا يلذها إلى القرب من رب العالمين،و لا يؤلمها إلا البعد و الحجاب.و كما لا يكون الذوق إلا في اللسان ،و السمع إلا في الآذان،فلا تكون هذه الصفة إلا في القلب.

فمن لا قلب له ليس له هذا الحس،كمن لا سمع له و لا بصر،ليس له لذة الألحان،و حسن الصور و الألوان.و ليس لكل إنسان قلب.و لو كان لما صح قوله تعالى إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَذِكْرىٰ لِمَنْ كٰانَ لَهُ قَلْبٌ [1]فجعل من لم يتذكر بالقرءان مفلسا من القلب.و لست أعنى بالقلب هذا الذي تكتنفه عظام الصدر،بل أعنى به السر الذي هو من عالم الأمر، و هو اللحم الذي هو من عالم الخلق عرشه،و الصدر كرسيه،و سائر الأعضاء عالمه و مملكته و للّٰه الخلق و الأمر جميعا.و لكن ذلك السر الذي قال اللّه تعالى فيه قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [2]هو الأمير و الملك،لأن بين عالم الأمر و عالم الخلق ترتيبا،و عالم الأمر أمير على عالم الخلق و هو اللطيفة التي إذا صلحت صلح لها سائر الجسد ،من عرفها فقد عرف نفسه و من عرف نفسه فقد عرف ربه و عند ذلك يشم العبد مبادى روائح المعنى المطوى تحت قوله صلّى اللّه عليه و سلم«إنّ اللّه خلق آدم على صورته»و نظر بعين الرحمة إلى الحاملين له على ظاهر لفظه،و إلى المتعسفين في طريق تأويله و إن كانت رحمته للحاملين على اللفظ أكثر من رحمته للمتعسفين في التأويل لأن الرحمة على قدر المصيبة،و مصيبة أولئك أكثر،و إن اشتركوا في مصيبة الحرمان من حقيقة الأمر.فالحقيقة فضل اللّه يؤتيه من يشاء،و اللّه ذو الفضل العظيم.و هي حكمته يختص بها من يشاء،و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا و لنعد إلى الغرض،فقد أرخينا الطول و طولنا النفس،في أمر هو أعلى من علوم المعاملات التي نقصدها في هذا الكتاب.فقد ظهر أن رتبة الهلاك ليس إلا للجهال المكذبين، و شهادة ذلك من كتاب اللّه و سنة رسوله صلّى اللّه عليه و سلم لا تدخل تحت الحصر،فلذلك لم نوردها.


[1] ق:37

[2] الاسراء:85

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست