responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 183

و بأنبيائه المرسلين،إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون لا محالة،و كل محجوب عن محبوبه فمحول بينه و بين ما يشتهيه لا محالة،فهو لا محالة يكون مخترقا نار جهنم بنار الفراق.و لذلك قال العارفون:

ليس خوفنا من نار جهنم،و لا رجاؤنا للحور العين،و إنما مطلبنا اللقاء ،و مهربنا من الحجاب فقط.و قالوا:من يعبد اللّه بعوض فهو لئيم،كأن يعبده لطلب جنته،أو لخوف ناره.

بل العارف يعبده لذاته،فلا يطلب إلا ذاته فقط.فأما الحور العين و الفواكه،فقد لا يشتهيها.و أما النار،فقد لا يتقيها.إذ نار الفراق إذا استولت ربما غلبت النار المحرقة للأجسام.فإن نار الفراق نار اللّه الموقدة،التي تطلع على الأفئدة.و نار جهنم لا شغل لها إلا مع الأجسام،و ألم الأجسام يستحقر مع ألم الفؤاد،و لذلك قيل
و في فؤاد المحب نار جوى أحر نار الجحيم أبردها
و لا ينبغي أن تنكر هذا في عالم الآخرة،إذ له نظير مشاهد في عالم الدنيا،فقد رؤي من غلب عليه الوجد فغدا على النار،و على أصول القصب الجارحة للقدم،و هو لا يحس به لفرط غلبة ما في قلبه.و ترى الغضبان يستولى عليه الغضب في القتال ،فتصيبه جراحات و هو لا يشعر بها في الحال ،لأن الغضب نار في القلب.قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم[1] «الغضب قطعة من النّار»و احتراق الفؤاد أشد من احتراق الأجساد،و الأشد يبطل الإحساس بالأضعف كما تراه،فليس الهلاك من النار و السيف،إلا من حيث إنه يفرق بين جزأين.يرتبط أحدهما بالآخر برابطة التأليف الممكن في الأجسام.فالذي يفرق بين القلب و بين محبوبه الذي يرتبط به برابطة تأليف أشد إحكاما من تأليف الأجسام،فهو أشد إيلاما إن كنت من أرباب البصائر و أرباب القلوب.و لا يبعد أن لا يدرك من لا قلب له شدة هذا الألم،و يستحقره بالإضافة إلى ألم الجسم.فالصبي لو خير بين ألم الحرمان عن الكرة و الصولجان.و بين ألم الحرمان عن رتبة السلطان،لم يحس بألم الحرمان عن رتبة السلطان أصلا،و لم يعد ذلك ألما،و قال.العدو في الميدان مع الصولجان،أحب إلىّ من ألف سرير للسلطان مع الجلوس عليه.بل من تغلبه شهوة البطن،لو خير بين الهريسة و الحلواء،و بين فعل جميل يقهر به الأعداء،و يفرح به الأصدقاء،لآثر الهريسة و الحلواء

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست