responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 182

و فائزين.و مثاله في الدنيا أن يستولى ملك من الملوك على إقليم،فيقتل بعضهم فهم الهالكون و يعذب بعضهم مدة و لا يقتلهم فهم المعذبون،و يخلى بعضهم فهم الناجون،و يخلع على بعضهم فهم الفائزون.فإن كان الملك عادلا،لم يقسمهم كذلك إلا باستحقاق،فلا يقتل إلا جاحدا لاستحقاق الملك،معاندا له في أصل الدولة.و لا يعذب إلا من قصر في خدمته مع الاعتراف بملكه و علو درجته .و لا يخلى إلا معترفا له برتبة الملك،لكنه لم يقصر ليعذب و لم يخدم ليخلع عليه.و لا يخلع إلا على من أبلى عمره في الخدمة و النصرة،ثم ينبغي أن تكون خلع الفائزين متفاوتة الدرجات بحسب درجاتهم في الخدمة،و إهلاك الهالكين إما تحقيقا بحز الرقبة،أو تنكيلا بالمثلة،بحسب درجاتهم في المعاندة،و تعذيب المعذبين في الخفة،و الشدة،و طول المدة و قصرها،و اتحاد أنواعها و اختلافها،بحسب درجات تقصيرهم فتنقسم كل رتبة من هذه الرتب إلى درجات لا تحصى و لا تنحصر.فكذلك فافهم أن الناس في الآخرة هكذا يتفاوتون.فمن هالك،و من معذب مدة،و من ناج يحل في دار السلامة،و من فائز و الفائزون ينقسمون إلى من يحلون في جنات عدن،أو جنات المأوى أو جنات الفردوس.و المعذبون ينقسمون إلى من يعذب قليلا،و إلى من يعذب ألف سنة إلى سبعة آلاف سنة،و ذلك آخر من يخرج من النار كما ورد في الخبر[1].و كذلك الهالكون الآيسون من رحمة اللّه تتفاوت دركاتهم.و هذه الدرجات بحسب اختلاف الطاعات و المعاصي،فلنذكر كيفية توزعها عليها

الرتبة الأولى:و هي رتبة الهالكين.

و نعني بالهالكين الآيسين من رحمة اللّه تعالى، إذ الذي قتله الملك في المثال الذي ضربناه أيس من رضا الملك و إكرامه،فلا تغفل عن معانى المثال .و هذه الدرجة لا تكون إلا للجاحدين و المعرضين،و المتجردين للدنيا،المكذبين باللّه و رسله و كتبه.فإن السعادة الأخروية في القرب من اللّه و النظر إلى وجهه،و ذلك لا ينال أصلا إلا بالمعرفة التي يعبر عنها بالإيمان و التصديق.و الجاحدون هم المنكرون، و المكذبون هم الآيسون من رحمة اللّه تعالى أبد الآباد،و هم الذين يكذبون برب العالمين،

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست